رواية المنزل
ءَالَآء طارق
الفصل التاسع والأربعون
فضلاً، متنسوش الvote.
المزيكا انهاردة أنا!!!
بمناسبة اننا قربنا خلاص على النهاية حبيت أشاركوا في الفيديو ده رحلتي مع الكتابة، بما ان اللي كان بيجمعنا الفترة اللي فاتت كانت الرواية، حبيت في الفيديو ده أعرفكوا عن نفسي شوية، عن الكاتبة اللي بتتواصل معاكوا من ورا الشاشة، بتمنى أكون خفيفة على قلبكوا يارب.
متنسوش تتابعوني على الانستا واليوتيوب والتيكتوك.
instagram: alaatareks
TikTok: alaatareks
YouTube: alaatareks
***
كان الذعر واضحًا في عيني ذكية، عيناها تبرقان بخوف وهي تندفع إلى الغرفة، صوتها مقطوع الأنفاس:
"تعال بسرعة، مسؤولة الوزارة هنا.. يريدون أخذ الأطفال!"
تجمد قلب خالد لوهلة، قبل أن يهب واقفًا، وكأن الأرض اهتزت تحت قدميه. تحرك بخطى سريعة وهو يقول:
"ماذا؟!"
تحرك خلفه عم أسعد، محاولًا اللحاق به وهو يصرخ بتوتر:
"ما هذا الهراء؟ من قال إن لهم الحق؟!"
في الردهة الواسعة، كانت السيدة فايزة، صارمة القسمات، تقف بثبات أمام الباب المفتوح. خلفها وقف عدد من الرجال، عيونهم تراقب الداخل بحذر. والصغار يقفون على السلالم وأعينهم الصغيرة تراقب ما يحدث. بدا المشهد وكأن حملة تفتيش قد نُفذت دون سابق إنذار.
تقدم خالد نحوها بخطوات سريعة، وصوته يعلو بنبرة قلقة مشوبة بالغضب:
"ما الذي يحدث هنا؟ ما معنى هذا الكلام؟!"
رفعت السيدة فايزة رأسها ونظرت إليه بنظرة رسمية، صوتها جامد لكنه يحمل محاولة مصطنعة للهدوء:
"أنا آسفة يا مستر خالد.. أولًا، تعازيّ الحارة في وفاة السيدة أنيسة، رحمها الله. ثانياً بوفاتها، لا أستطيع ترك الأطفال هنا دون وصي قانوني، يجب أن يأتوا معي."
زمّ خالد شفتيه وقال بانفعال:
"إلى أين؟!"
تنهدت السيدة، وأخفضت نبرتها قليلاً:
"أرجوك لا داعي للعصبية، هذه إجراءات قانونية، لا يمكن التراجع عنها. سآخذ الأطفال الذين تقل أعمارهم عن العاشرة. أرجوك سلمني إياهم الآن. أما الكبار فسيبقون ولكننا سنتابعهم من وقت للآخر"
وقف خالد مذهولًا، نظراته تائهة بين الوجوه، عقله يرفض تصديق ما يسمعه. شعر بأن الكلمات لا تصل كاملة إلى رأسه. همس كمن يستوضح جملة غير مفهومة:
"الصغار دون العاشرة؟ حتى ماريا؟!"
هزّت رأسها بتأكيد، وفتحت ورقة كانت تحملها بين يديها، وقالت دون أن ترفع عينيها:
"نعم، ماريا مشمولة، لأن الكفالة القانونية باسم السيدة أنيسة، كما تعلم الرجل الأعزب لا حق له في الكفالة. والآن بعد وفاة السيدة أنيسة، لا يمكن إبقاء الطفلة هنا."
ثم رفعت الورقة، وأخذت تقرأ بصوت واضح:
"ليان، عبد الله، علي التوأم، سارا، يحيى.. والصغيرة ماريا."
خيم صمت ثقيل على المكان، وكأن أنفاس الجميع قد علقت في الهواء. لم يتحرك أحد. لم ينبس أحد ببنت شفة.
خالد التفت ببطء نحو السلم، وهناك، في الأعلى، وقف الصغار متجمعين كالعصافير المرتجفة. أعينهم واسعة بالقلق، وهم يراقبون ما يجري دون أن يفهموا كل أبعاده، لكنهم بالتأكيد شعروا بالخطر. وفجأة، نزل حسن الدرج بسرعة وكان قد عاد لتوه من التدريب، وصرخ بعزمٍ مرتجف:
"لن يخرج أحد من هنا!"
تقدم إليه خالد سريعًا، ووضع يده على كتفه ليُبعده بلطف إلى الخلف، عينيه كانت خامدتين، كأنما يتحدث من قاع اليأس:
"وإذا لم أسلمهم؟"
رفعت السيدة فايزة رأسها ونظرت إليه بثبات، ثم التفتت إلى الرجال خلفها، قبل أن تعود بنظرتها إلى وجهه:
"إذاً، سنفعلها بالقوة."
تجمّد خالد في مكانه، ولم يستطع الرد. لم تترك له المرأة مجالًا للرد. وجهت بصرها إلى حسن:
"أنت حسن؟"
هزّ الفتى رأسه بتردد وهو يضم يديه أمامه.
تابعت السيدة بنبرة عملية، حادة:
"وفرح؟ أين هي؟"
لم يجب أحد. فقالت بحدة:
"وأين أحمد؟"
تلفّت أحمد في الخلف، كان يحاول الاختباء، لكنها لمحت وجهه، فتابعت:
"سمعت أنكم تثيرون الشغب في المدرسة!"
ثم وجهت حديثها مباشرة إلى خالد، بعينين تلمعان بالاتهام:
"أهذه هي التربية التي تقدمونها للأطفال؟ ما الذي يُفترض بي أن أفعله عندما تصلني تقارير تفيد بأن الأطفال هنا يتصرفون بفوضوية؟! ما وصلني من مديرة المدرسة كان كثيرًا، كثيرًا حقًا يا مستر خالد!"
كان صوتها كالسوط، لا يحمل تعاطفًا، ولا مساحة للنقاش.
وقف خالد في مكانه، يحدق فيها بعينين لا تزالا تحملان أثر الصدمة، بينما خلفه، همسٌ خافت بدأ ينتشر بين الصغار، كأن الخوف بدأ يتمدد في المكان بطريقة هستيرية.
قالت السيدة فايزة بنفاد صبر، وهي تضع يدها على خصرها:
"هيا يا مستر خالد، لا داعي لتضيع الوقت أكثر، سلمني الصغار."
نظرت إلى ذكية، وقالت بصرامة:
"أحضري الرضيعة، من فضلك."
لكن قبل أن تتحرك، انطلقت منى من أعلى السلم، صوتها جاف، يعلوه الانفعال:
"الطفلة نامت للتو! لا نستطيع إيقاظها!"
ثم نظرت إلى خالد بعينين تملؤهما الحسرة، وقالت برجاء يكاد يتحول إلى بكاء:
"مستر خالد! تصرّف! كيف يأخذون ماريا؟ إنها صغيرة جدًا، لا تفهم شيئًا!"
قالت فايزة بثقة متعجرفة، دون أن تنظر إليهم:
"سنعتني بها بكفاءة، لا داعي لكل هذا القلق العاطفي."
كانت منى تهمس بخوف يكسر القلب:
"تصرف.. لماذا تقف هكذا، عاجزًا؟"
جاءها صوت فايزة رداً عليها:
"لأنه يعرف أنه لا مفر.. هذا قرار رسمي من الحكومة، هيا بنا."
ثم التفتت فايزة إلى الرجال خلفها وأمرت ببرود:
"احضروا أصغر الأطفال."
وانفجرت الفوضى. تحرك الرجال نحو الدرج، لكن حسن اندفع في طريقهم، محاولًا منعهم من المرور، فاصطدم بأحدهم، ليدفعه بقوة. تعالت الأصوات، وبدأت فرح وإسراء وندى بتجميع الصغار خلفهم: عبدالله، ليان، سارة، يحيى، والتوأم. هرعوا جميعًا إلى الغرف، لكن الرجال كانوا أسرع، واندلعت الفوضى: صراخ، وركل، وبكاء.
في منتصف هذا المشهد الجنوني، وقف خالد، ظهره للمشهد، كأن صوته انفصل عن جسده، وكأن العالم من حوله صامت. كل شيء يهوي، أنيسة رحلت. سالي تركته. والآن، الأطفال يُنتزعون من بين يديه كما تُنتزع الروح. كان عاجزًا عن الحراك، جسده ثقيل كأنما قيدته الأحزان، لكنه فجأة سمعها، أنيسة.
صوتها، خافت، حنون، واضح رغم كل الضجيج:
"خالد اعتنِ بالأولاد. إنهم مسؤوليتك الآن."
انتفض قلبه، كأن هذا الصوت أشعل فيه شرارة الحياة من جديد.
صوت أسعد هزّه من كتفه:
"خالد يا بني، ماذا ستفعل؟ تحرك، بسرعة!"
استدار خالد فجأة، وإذا به يرى المشهد بعين أخرى: الأطفال في أيدي الغرباء، وجوههم مغروقة بالدموع، يصرخون ويركلون، يحاولون التشبث بأي شيء. فصاح بأعلى صوته، غضبًا ووجعًا:
"كفى! اتركوا الصغار حالًا!"
توقف الجميع. صوته كان كالرعد، فجأة حلّ الصمت، وحده صوت أنين الصغار ظلّ يرنّ في الأجواء.
تقدم بخطى ثابتة نحو السيدة فايزة، وجهه صارم، وصوته مليء بالوجع:
"سأسلّمك الأطفال، لكن ليس بهذه الطريقة. أعطني الفرصة لأشرح لهم، لأمهّد لهم نفسيًا. ما تفعلينه سيكسرهم، هذا تصرّف همجي!"
رفعت حاجبيها بدهشة، وقالت بازدراء:
"تصرّف همجي؟! أنا؟!"
أشار خالد إلى الكاميرات في الزوايا، وقال بهدوء:
"كل هذا مسجل. وسنعرضه في المحكمة."
ارتبكت قليلًا، ثم سألته بنبرة متحدّية:
"ستقاضينا؟"
هزّ رأسه ببطء:
"سأفعل ما يجب لحماية هؤلاء الأطفال."
قالت باستخفاف:
"افعل ما تشاء."
اقترب منها وقال بصوت خافت لكنه حاسم:
"اتركيهم اليوم. وسأحضرهم لك بنفسي غدًا. هذا وعد."
رمقته بشكّ:
"وكأنك ستفي به! ربما تهرب بهم خارج البلاد!"
ابتسم خالد، ابتسامة حزينة، مثقلة بالتعب:
"الصغار لا يستطيعون ترك هذا المنزل. ولن أجرؤ أنا على فعل ذلك. وإن لم تصدقيني، خذي هوياتهم، اتركي فرد أمن عند الباب حتى الغد."
قالت منى بصدمة، بالكاد تصدّق ما تسمع:
"ماذا تقول؟ ستسلمهم بيدك؟!"
لكنه تجاهلها، وكأن صوتها لم يبلغ أذنيه، ثم استدار ببطء ليوجه حديثه إلى الجميع، وجهه ساكن، وعيناه كالجمر، صوته خرج مبحوحًا لكنه صارم:
"أنا لن أسمح أن يغادروا منزلهم بهذه الطريقة المهينة. هذه ليست حربًا. إنهم أطفال."
ساد صمت قصير في المكان، ثم تقدمت فايزة خطوة إلى الأمام، ورفعت رأسها بتحدٍ واضح، صوتها مشحون بالصلابة:
"إذاً فلتمضِ على إقرار بذلك."
لم يتردد خالد، فقط مد يده وقال دون أن يرمش:
"أعطيني الإقرار."
ناولته فايزة الورقة، وراقب الجميع كيف أخذ القلم، ويده ترتجف بالكاد، ووقع اسمه عليها، مرت لحظة طويلة قبل أن يرفع رأسه ويقول:
"سأقوم أنا بتسليم الأطفال.. جميعهم. سأحضرهم بنفسي غدًا، إلى الوزارة."
انتشرت الهمسات في المكان، كانت منى تحدق فيه بعينين دامعتين، بينما وقف حسن مشدوهًا، يكاد لا يصدق ما يسمعه. حتى أسعد لم ينبس بكلمة، فقط وضع يده على صدره كأن قلبه يعاني مما يسمع. كيف؟ كيف يفعلها؟ لقد وعد أنيسة، أقسم لها أن يحميهم، أن يبقيهم معًا. فكيف يوافق على تسليمهم؟
لكن أحدًا لم يكن يعلم ما كان يدور في رأس خالد في تلك اللحظة. أحدٌ لم يرَ العاصفة التي تدور داخله. كان ساكنًا من الخارج، لكن أعماقه كانت تعج بالصراخ.
نظر إلى فايزة بعد أن أمضى الإقرار، وقال بثبات:
"غدًا عند التاسعة صباحًا، سأكون في المركز مع الأطفال."
لم تجبه. فقط أخذت الورقة من يده ونظرت إليها بتفحص، ثم أشارت إلى الرجال بالانسحاب. بدأوا بالنزول من على السلم، ملامحهم صارمة، بينما وجوه الأطفال متوترة، لم يفهموا ما حدث تمامًا.
غادرت فايزة، وتبعها الجميع، وظل خالد واقفًا في مكانه، يحدق إلى الباب الذي أُغلق خلفهم.
منى صرخت، لم تعد قادرة على تمالك أعصابها:
"ما الذي فعلته؟ هل وقّعت حقًا على تسليمهم؟ هل هذا وعدك للسيدة لأنيسة؟"
لم يرد. جلس على أول درجات السلم، ودفن وجهه بين يديه. واقترب أسعد منه، جلس بجانبه، ووضع يده على كتفه:
"يا بني.. لست وحدك."
مرت لحظة صمت ثقيلة، ثم رفع خالد رأسه وقال بصوت خافت:
"أنا لم أفرط فيهم، أقسم أنني لم أفعل ذلك. فقط أحتاج وقتًا لأستعيدهم بطريقة قانونية"
اقتربت فرح منه، وجهها شاحب، وعيناها مغرورقتان:
"إذاً. هل سيرحلون بالفعل؟"
نظر إليها خالد طويلاً، في وجهه ملامح الذنب التي لم يستطع إخفاءها، حتى قطعت ليان الصمت بصوت مرتجف:
"أبيه هل أخطأت في شيء؟ لذلك هم يريدون أخذنا؟"
ضمّهم خالد إلى صدره، كل من اقترب منه احتواه بذراعيه، كأنهم جميعًا يبحثون عن وعد بالحماية. همس لهم:
"لا يا ليان، لم تخطئي في شيء. جميعكم لستم مذنبين."
قالت أميرة بعصبية طفولية، عيناها دامعتان:
"أبيه، لا أستطيع النوم دون أن تكون ليان ويحيى وسارة في الغرفة."
انفجر الأطفال في بكاء هستيري، صوتهم كان يمزق قلب خالد، يرونه منكسراً، وهو الذي اعتادوا أن يروه قويًا. لكنه في الحقيقة كان أكثرهم انكسارًا. لا يستطيع أن يقف أمام قرار رسمي، لا حيلة له إلا أن يلجأ إلى القانون، إلى الدولة نفسها، ليعترض. وسيفعل.
قال بصوت يحمل كل الوعد والألم:
"لن أكسر وعدي. سأقاتل لأجلكم، ولن أتخلى عنكم أبدًا."
سألته منى بتردد:
"وماذا تنوي أن تفعل؟"
سيفعل ما يجب أن يُفعل. سيقاتل لأجلهم، فهم حياته، بل هم كلّها. لا يطيق تخيّل البيت دون أصواتهم، دون لعبهم وضحكاتهم وتعثر كلماتهم، دون دفئهم. البيت بدونهم. مقبرة من الصمت. كان لا بد أن يثبت لأنيسة، التي تراقبه الآن من مكان ما بعيد، أنه جدير بالمسؤولية. لا لأنها فرضتها عليه، بل لأنه يريدها، لأنه يحبهم.
نهض فجأة، واستدار إلى منى بعينين دامعتين لكن واثقتين:
"سأرفع دعوى في المحكمة. سأثبت أن هؤلاء الصغار لا يجوز أن يغادروا منزلهم."
كان يعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، وأن المعركة أمامه طويلة، لكنها تستحق. لأجلهم، سيتحدى القوانين، ويقف في وجه العالم كله إن لزم الأمر. نظر إلى وجوههم الصغيرة، المرتجفة، ثم همس لنفسه:
"لن يُنتزعوا من منزلهم ما دمت على قيد الحياة."
***
كانت سالي تجلس في غرفتها تحت النافذة، ظهرها مستند إلى الحائط وركبتاها مضمومتان إلى صدرها، وعيناها تتابعان النجوم كأنها تحاول أن تعدها واحدة تلو الأخرى، لا لتستمتع، بل لتصرف ذهنها عن التفكير فيهم، عن مصيرهم. كان الليل ساكنًا، إلا من صوت خافت لنسيم الربيع يلامس زجاج النافذة، وفجأة انفتح الباب بهدوء، ودخلت والدتها، تحمل نظرة قلقة وابتسامة مترددة.
"لم تنامي حتى الآن؟" سألتها بصوت ناعم.
اعتدلت سالي قليلًا في جلستها دون أن تبتعد عن النافذة، وقالت دون أن تنظر إليها:
"أنتِ تعرفين. أعاني من الأرق."
اقتربت الأم، وجلست إلى جوارها، ومدّت يدها تمسح بلطف على شعرها، وسألتها بحنانٍ يخالطه قلقٌ صامت:
"لأكثر من شهر وأنتِ على هذه الحال. بماذا تفكرين، يا سالي؟"
ابتسمت سالي ابتسامة صغيرة، لكنها كانت باردة، بعيدة عن عينيها، وقالت:
"سأعود إلى عملي. تحدثت مع الدكتور نوفل."
سادت لحظة صمت، كانت ابتسامتها أشبه باستسلام، كأنها تقرر لا لأنها تريد، بل لأنها لم تعد تملك خيارًا آخر. سألتها والدتها، وقد قرأت في نبرة صوتها ما لم تقله الكلمات:
"وهل هذا ما ترغبين فيه حقًا؟"
هزّت سالي رأسها بسرعة، كأنها تخشى أن تغير رأيها إن تأخرت في الإجابة:
"نعم، فكرت كثيرًا. ووجدت أنه الحل الأسلم. خصوصًا وأنتِ ستتقاعدين قريبًا. معاشك لن يكون كافيًا."
ثم ابتسمت سالي بخفة وغمزت:
"أعتقد أنكِ ستحزنين لذلك. لقد اعتدتِ العمل."
ضحكت الأم بهدوء، لكن ضحكتها كانت مشوبة بالمرارة. خفضت رأسها لوهلة، ثم رفعته لتنظر إلى سالي نظرة تحمل وجع السنين وقالت بصوت مبحوح:
"هل ستصدقينني يا سالي لو قلت لكِ إنني أشتاق إلى التقاعد؟... أشتاق للهدوء، للبيت، لكن الأهم، أشتاق لكما أنت وزينة. سأكون في قمة سعادتي لو ابتعدت أخيرًا عن العمل، أرغب في استعادة ما فاتني."
توقفت لحظة، ثم أكملت بصوتٍ خافت:
"أخشى أن تتزوجا وترحلا، وتتركاني دون أن أعيش معكما تلك اللحظات الصغيرة التي ضاعت بين أكوام المسؤوليات. أريد أن أعوّضكما، أن أكون معكما قبل أن يفوت الأوان."
تنهّدت، وتابعت وهي تنظر إلى وجه ابنتها بندمٍ ظاهر:
"أتعرفين يا سالي؟ عشتُ سنوات طويلة بعيدة عنكِ. وعن أختك. لم أكن حاضرة في طفولتكما كما يجب. لقد حمّلتك أكثر مما تحتملين، جعلتك تكبرين قبل أوانك."
بدأت دموعها تتجمّع في عينيها وهي تتابع:
"لقد عشتِ حياة لم تختاريها. بسببنا نحن الكبار. أنا آسفة، يا سالي، أعرف كم تحملتِ، كم كتمتِ، كم كنتِ تعانين بصمت. لقد ظلمتُك. وأنا أراك الآن بهذا الألم، يعتصر قلبي."
همست سالي، والدموع تلمع في عينيها لكنها تحاول عنادها:
"أنا لا أعاني يا ماما."
لكن صوتها المرتجف وعيناها الممتلئتان بالدموع كانتا أصدق من كلماتها. كان الكذب فيها مكشوفًا، هشًا، لا يقوى على الوقوف. ولم تقل سهام شيئًا، فقط مدت ذراعيها وسحبتها إلى حضنها، تشبثت بها وكأنها تحميها من العالم، من كل ما فاتها أن تقدمه لها.
"أنتِ تتألمين، يا ابنتي." قالتها وهمسها يرتجف فوق رأس سالي.
أغمضت سالي عينيها، كأنها تغلقهما على الألم، على الذكريات، على الحزن الذي تراكم بصمت. لكنها لم تستطع، فدموعها غلبتها، تساقطت على خدّيها كأنها سُجنت طويلًا ووجدت في حضن أمها أول لحظة حريّة.
ارتجف جسدها بين ذراعي أمها، وخرج صوتها مكسورًا، محشوًا بالقهر:
"ماذا أفعل يا ماما؟. لا أستطيع السير هكذا. أنا لست سعيدة."
كأنها أخيرًا اعترفت، ليس لأمها فقط، بل لنفسها. بأنها تائهة، متعبة، وبأنها لا تريد أن تبقى هكذا أكثر.
ضمتها أمها إلى صدرها بقوة، وكأنها تحاول أن تحصّنها من هشاشتها، ثم قالت بحزم ممزوج بالحب:
"لا تستسلمي، يا سالي. الحياة ما زالت أمامك، وأنتِ. أنتِ فتاة مميزة. لطالما رأيتك هكذا منذ كنتِ صغيرة. افعلي ما ترغبين فيه، لا ما يُفرض عليك."
أجابت سالي بصوت مخنوق، وقد اختنقت الكلمات في حلقها:
"لا أستطيع، يا ماما. بابا أفسد كل شيء. كان يجب أن أرحل، هذا هو الخيار الصحيح. لكني لا أرغب في ذلك."
نظرت إليها أمها بعينين تمتلئان بالأسى، وقالت بهدوء:
"لو كان يحبك حقًا، لما سمح لك بالرحيل."
هزّت سالي رأسها سريعًا، وتمتمت:
"لكنه قال ذلك. قال إنه يحبني."
رفعت سهام حاجبيها وسألتها:
"وماذا فعل؟ هل لاحقك؟ هل أتى إلى هنا؟ هل اعتذر؟ هل حاول أن يُظهر رغبته فيكِ رغم كل ما حدث؟"
همست سالي بنبرة مقتنعة رغم كل شيء:
"أنا متأكدة أنه صادق. أنا أعرفه جيدًا."
نعم، كانت تعرفه. خالد، أكثر الرجال صدقًا ممن عبروا حياتها. كانت قد رأته يرعى خمسة عشر طفلًا وكأنهم أطفاله. رأته يعتني بأنيسة بإخلاص لا يُوصف، المرأة التي ربّته. رأته بعينيها، وقد لمحت في عينيه صدقًا لا يتقنه إلا من تربى على الوفاء. كان عطوفًا، محبًا، نقيّ النية. كل كلمة نطق بها تلك الليلة.. حين اعترف لها بما في قلبه. كانت صادقة.
سالي شعرت ألمًا في صدرها. تمنّت لو التفتت، لو أمسكت بيده، لو بادلت مشاعره، لو فتحت له قلبها بدلًا من أن تهرب. أغمضت عينيها بألم، ودمعة ساخنة انسابت على وجنتها وهي تفكر في والدها. وفي كل ما فعله بها.
شعرت بالحسرة على حبها، ذاك الحب الصادق، شعرت بالوجع على الصغار الذين تسللوا إلى قلبها دون استئذان، كيف تعلقت بهم، كيف أحبت ضحكاتهم.
كيف ستتأقلم الآن؟ لقد اعتادت طوال حياتها أن تتأقلم. أن تتقبّل ما يُفرض عليها بصمت، أن تمشي في الطرقات التي اختارها غيرها، دون اعتراض، دون حتى أن تسمح لقلبها بأن يحلم. لكنها الآن لا تريد أن تتأقلم. لا تريد. هي تريد أن تتمرد. أن تقول: لا. أن تختار قلبها، لا ما يفرض عليها. أن تختار الأمان الذي شعرت به هناك.
سالي لم تكن تبكي فقط على رجل أحبته.. بل على نفسها، تلك التي كانت تضيع منها مرة بعد مرة، لأنها لا تملك الشجاعة لتتمسك بمن أحبتهم.
***
كانت عملية تسليم الصغار كأنها انتزاع لجزء من قلب خالد، شيئًا فشيئًا. وقف أمامهم وهو يحاول أن يخفي ألمه بابتسامة بالكاد ترتسم على وجهه.
بالنسبة للخمسة الصغار، حاول أن يُجمّل الصورة، أن يخبرهم بلطفٍ مصطنع:
"ستذهبون إلى مكان جميل، فيه ألعاب وحدائق، وسأزوركم كل يوم. حتى أعود وآخذكم للمنزل من جديد."
قالها وهو يربّت على رؤوسهم ويجثو أمامهم ليكون في مستوى أعينهم الصغيرة، وكأنه يطلب الصفح منهم دون أن يفصح عن ذلك.
الليلة الماضية، كان الصغار مرعوبين مما جرى، من ذلك الموقف المفاجئ، ومن الرجال الذين حاولوا انتزاعهم من بين أيدي من عائلتهم التي لا يعرفون سواها. لكن حين مهّد لهم خالد الأمر، وحاول أن يخفف عنهم، كانوا متحمسين، متسائلين عن الألعاب والمكان الجديد، يتحدثون بحماسة. لكن صباح هذا اليوم. كانت الأمور مختلفة.
نظراتهم لم تكن ساذجة، لم تكن فرحة. في عيونهم رجفة خفية، ظلال من القلق، حدس غامض يخبرهم أن الأمر ليس كما وُصف. أن هذا الموعد ليس موعد لعب. بل شيء آخر، شيء مخيف لا يعرفون اسمه بعد، لكنه يجعل قلوبهم الصغيرة تنقبض.
ففي منزلهم، توجد الألعاب، وتوجد الحديقة، ما المثير في هذا المكان الجديد؟ المنزل أكثر إثارة منه، أكثر دفئًا وأمانًا. المنزل دائمًا مضاءٌ بأضواء دافئة، متلألئة. حديقته كبيرة، فسيحة، فيها كل الألعاب التي يتمنّاها طفل. لكن الأهم من كل هذا، أن فيه إخوتهم. فيه عائلتهم الكبيرة التي تعوّدوا أن يفيقوا على أصواتها، ويتناولوا طعامهم وسطها، ويضحكوا ويناموا مطمئنين بقربها.
أما هذا المكان الجديد، فلا يعرفونه. لا يعرفون من فيه، ولا ما ينتظرهم فيه. لذا وقفوا بصمتٍ غريب، وكأنهم يشعرون — دون أن يقال لهم — أن هناك أمرًا غير طبيعي، أمرًا غريبًا يحدث.
أما ليان وعبدالله، فكانا أكبر من أن يُخدعا. يفهمان ما يجري، وإن حاولا التصرف بشجاعة، كان الحزن واضحًا في ملامحهما. أوصاهما خالد هامسًا، وهو يجثو ليكون بارتفاع عيونهما:
"انتبهوا على إخوتكم. كونوا مهذبين، حتى أعود إليكم. لا تقلقوا سأعود بالتأكيد"
هزّ عبدالله رأسه، وفي عينيه دمعة مكابرة لم تنزل. كان قلبه يحترق على قطته الصغيرة التي رفضوا أن يأخذها معه. لكنّه بقي صامدًا، متماسكًا. فربت خالد على كتفه وقال بشبه ابتسامة:
"أنت فتى شجاع."
أما ماريا الصغيرة، ذات العام والنصف، فلم تكن تفهم شيئًا. كانت تضحك حين حملها خالد وقبّلها على جبينها، تكشف عن أسنانها الصغيرة المتناثرة، لكن ما إن وضعتها المربية على الأرض، ورأت خالد ومنى يهمّان بالخروج، حتى بدأت بالصراخ.
صرخت الطفلة بكل ما أوتيت من قوة، بكاءً هستيريًا مخيفًا، كأن قلبها يشعر بأن هناك شيئًا فادحًا يحدث.
"بـ بابا!"، نادت، صوتها يتهدّج وهي تمد يديها نحوه.
ثم نظرت إلى منى:
"ماما!"
خرجت الكلمة من فمها كطعنة في قلب خالد.
نهضت ماريا بسرعة وركضت بخطواتها المتعثرة، تمد يديها الصغيرتين نحوه، وكأنها تطلب منه أن يحملها، أن يعيد لها أمانها، أن يعيد لها منزلها.
جمد خالد في مكانه، الهواء انحبس في صدره، وشيء ما تحطم داخله بصوت لا يُسمع. كل شيء من حوله بدا باهتًا، إلا صوتها.. وصورتها وهي تركض نحوه، تبكي وتناديه.. 'بابا' الكلمة التي تناديه بيها لأنها لا تستطيع نطق 'أبيه'. وصراخها كان كالإشارة.. بدأ الباقون بالبكاء، واحدًا تلو الآخر.
حمل خالد الطفلة، وعاد إليهم، عاد ليضمهم ويحاول أن يهدئهم. لكن الكلمات لم تعد تكفي. عنصر الأمان قد كُسر، هناك شيء كبير وغريب يحدث.
في النهاية، رحل خالد. ولكن قبل أن يرحل، كان لا بد أن يُنهي الإجراءات الرسمية، أن يمضي على تسليمهم، ويسلّم أوراقهم الرسمية واحدة تلو الأخرى.
كان كمن يسلّم جزءًا من روحه، وهو يوقّع بخطٍ متماسك من الخارج، مرتعش من الداخل. كل ورقة تحمل اسماً صغيرًا يعرفه عن ظهر قلب، يعرف ضحكته، دموعه، طريقته في الكلام، وفي النوم، وحتى في العناد. كل توقيع. كطعنة.
كيف يحدث هذا؟ هؤلاء الصغار، لا حول لهم ولا قوة، لا يعرفون غيره، لا يثقون بسواه. ماذا لو لم يستطع إعادتهم؟ ماذا لو فشل؟ كان الخوف ينهش قلبه، ليس من خسارتهم فقط، بل من فكرة أن ينسوه.. أن يكبروا يومًا وهم لا يتذكرونه.
المسامحة؟ يمكنه أن يحتمل أن يغضبوا منه، أن يكرهوه حتى. لكن أن ينسوه؟ أن تبهت صورته في ذاكرتهم يومًا بعد يوم؟ لا، تلك فكرة لم يستوعبها. بل كانت أشد عليه من فكرة فقدهم نفسها.
تأمّل خالد المبنى الرمادي أمامه، ملامحه جامدة، لكن عينيه تموران بالقلق.. كان يعلم أن صغاره في الداخل، ينتظرونه، خائفين، تائهين. ربما يبكون الآن، أو يبحثون عن وجهه بين الغرباء.. يجب أن يتصرف، وبأسرع وقت. يجب أن يعود إليهم، يحتضنهم واحدًا واحدًا، يعيدهم. ويعدهم بأنه لن يفرّط فيهم أبدًا، مهما حدث.
امتدت يد محمود إلى كتف خالد، وربت عليه برفق، وفي عينيه حزن وفهم عميق، ثم همس بصوت مكسو بالرجاء:
"هيا يا خالد.. لدينا موعد مع المحامي، يجب أن نبدأ إجراءات الدعوى."
ظل خالد صامتًا للحظات، أنفاسه بطيئة، وعيناه لا تزالان معلقتين بذلك المبنى، ثم أغمض عينيه وأخذ نفسًا عميقًا، كأنما يستجمع كل ما تبقى من قوته، وهزّ رأسه بعزم، ثم استدار أخيرًا، وخطى إلى الأمام. الخطوة الأولى نحو المعركة.
***
كانت سالي في غرفة الحضّانات، تتفقد بعينيها الهادئتين الأطفال حديثي الولادة، ترقب أنفاسهم الصغيرة، وتطمئن على أجهزتهم الباهتة الأضواء. تقدّمت نحو حضّانة طفلةٍ دخلت قبل يومين، تعاني من مشكلةٍ في التنفس. لكن حالتها بدأت تستقر، والأنباء مبشّرة، ووالداها سيأتيان قريبًا ليأخذوها أخيرًا إلى البيت.
فتحت سالي باب الحضانة بحذر، ورفعت الطفلة بين ذراعيها بخفة وعناية، بينما كانت الممرضة تقف بجوارها تحدّثها عن جدول العلاج والمتابعة. لكن سالي لم تكن تصغي. كانت كل حواسها موجهة إلى هذا الكائن الصغير الملفوف بغطاء وردي، يتنفس الآن بسلام، بعد أن كافح منذ ساعته الأولى.
مسحت سالي بأناملها على أنف الطفلة بلطف وهمست:
"كم أنتِ قوية.."
حرّكت الطفلة شفتيها الصغيرتين، وفتحت عينيها التائهتين، تتفحّص هذا الوجه القريب منها، كأنها تحاول أن تدرك من الذي يحملها.
ابتسمت سالي بحنان، وقالت وهي تميل برأسها:
"أيقظتُك؟ أنا آسفة.. ولكنك صغيرة جداً."
ثم بعد لحظة، نظرت إلى ملامحها الدقيقة وأردفت:
"صغيرة.. ولكنك جميلة."
رمشت الطفلة بعينيها، وكأنها تتجاوب مع صوت سالي، فابتسمت الأخيرة، وشعرت بقلبها يلين بطريقة لم تعرفها منذ وقت طويل.
راحت سالي تتأمل ملامح الطفلة الصغيرة بين ذراعيها، شفتيها الرقيقتين، أنفها المتورد، وصدرها الصغير الذي يعلو ويهبط بانتظام. لم تستطع منع نفسها من التفكير في ماريا. لم ترها في أيامها الأولى، لكنها تخيلت أنها كانت خفيفة وصغيرة تمامًا كهذه الرضيعة. تساءلت في داخلها: كيف حالها الآن؟ كيف كبرت؟ هل بدأت تنطق الكلمات بوضوح؟
قطع أنين الطفلة أفكارها، فرفعت سالي عينيها إليها وهمست بحنان وهي تربت على رأسها بخفة:
"أزعجتك؟ أنا آسفة.. هيا، لتأكلي وتنامي."
سلّمت الطفلة للممرضة التي تناولتها بحرص شديد وأعادتها إلى الحاضنة، ثم خرجت سالي من غرفة الحضانات بهدوء.
تاهت في الممرات الطويلة، عيناها تتجنبان وجوه الزملاء، لا رغبة لها في الحديث أو المجاملات، كانت تحتاج لمساحة تتنفس فيها وحدها. اتجهت إلى آلة القهوة في الزاوية، أخذت كوبها وسارت بخطى بطيئة نحو الحديقة.
جلست على المقعد الخشبي تحت ظل شجرة أوراقها تكتسي بحلة الربيع، رفعت عينيها نحو السماء، كانت الشمس مشرقة ولكن الهواء لا يزال يحمل نسمات منعشة. لحظة صفاء قصيرة، لكنها سرعان ما احتلت عقلها الأفكار القديمة. كيف حال الأطفال؟ هل هم بخير؟ هل يفتقدونها؟ كان سؤالًا يرافقها كل صباح، رغم محاولاتها لتجاهله. كانت قد غيّرت رقم هاتفها منذ زمن، لتقطع أي صلة تربطها بالماضي، لكنها، في لحظات الضعف، كانت تتمنى لو تعود فقط لتسمع صوتًا واحدًا منهم.
وفجأة، اخترق صوت أنثوي أذنيها:
"دكتورة سالي!"
رفعت رأسها بسرعة، فرأت ممرضة شابة تقترب منها بخطى مسرعة. وقفت أمامها قائلة:
"هناك من يسأل عنك.. في مكتب الدكتور نوفل."
قطبت سالي حاجبيها وسألتها:
"ألا تعرفين من هو؟"
هزت الممرضة رأسها نفيًا:
"لا.. الدكتور نوفل فقط قال إن هناك من ينتظرك، وطلب أن تأتي فورًا."
نهضت سالي من مكانها، وشعور غريب تسلل إلى قلبها.. مزيج من القلق والفضول. من يا ترى؟
دفعت باب المكتب بهدوء، فوجدت الدكتور نوفل يجلس خلف مكتبه، يبتسم للزائر ابتسامة خفيفة.
"ها هي! تعالي يا سالي" قالها وهو يرفع رأسه نحوها.
نقلت سالي نظرها نحو الزائرة.. وجمد الزمن للحظة.
"فـ.. فرح؟"
همست بالكلمة، بالكاد تصدّق عينيها.
اندفعت الفتاة من مكانها، ورمت نفسها في حضن سالي. احتضنتها الأخيرة بذهول. دارت بعينيها في الغرفة، تبحث عن أحد آخر يرافقها، لكنها كانت بمفردها.
"لقد اشتقت إليكِ كثيرًا." قالتها فرح بصوت مبلل بالدموع، ثم نكزتها في كتفها بلوم طفولي:
"رحلتِ دون أن تقولي وداعًا.. ولم تردّي على رسائلنا أبدًا."
نهض الدكتور نوفل وقال وهو يرتب أوراقه مازحًا:
"سأترك لكما المكتب لبعض الوقت لأمر على المرضى، لكن لا تطيلوا اللقاء، فمكتبي ينتظرني."
ثم خرج، تاركًا الفتاتين في المكتب.
جلست سالي وسحبت فرح لتجلس قربها، نظرت في وجهها المألوف الذي كبر ونضج فجأة، وسألتها بصوت خافت:
"فرح؟ كيف أتيتِ؟"
نظرت إليها فرح بلوم حقيقي، وقالت:
"هل هذا أول ما تقولينه بعد هذا الغياب الطويل؟"
أغمضت سالي عينيها وهزت رأسها بخفة:
"لا.. لا يا فرح. فقط.. لماذا أنتِ هنا؟ وهل أتيتِ وحدك؟"
تأملتها فرح قليلاً ثم قالت بصوت مكسور:
"نعم.. أنا بمفردي."
شهقت سالي بخفة، وهمست:
"أين مستر خالد؟"
أشاحت فرح بوجهها نحو النافذة، وغامت عيناها، ثم ردّت بعد صمت:
"لا أحد يعرف أنني هنا.. جئت بمفردي تمامًا."
اتسعت عينا سالي بدهشة، ثم قالت وهي تحاول أن تستوعب:
"كيف وصلتِ؟ أقصد.. من دلّك على مكان المستشفى؟"
رفعت فرح رأسها ونظرت إليها مباشرة:
"الدكتور رشدي.. أليس هو من ساعد في توظيفك هنا؟"
عقدت سالي حاجبيها، وعقلها يدور في تساؤلات متداخلة:
"كيف فعل ذلك؟ فرح.. أنتِ ما زلتِ صغيرة على السفر بين المحافظات وحدك!"
تبدلت ملامح فرح بسرعة، وارتفع صوتها قليلًا:
"أنا لم أعد صغيرة!"
شعرت سالي بقلق يتسلل إلى قلبها، لم تكن هذه الفتاة التي تعرفها، بدت أكثر صلابة.. وأكثر حزناً.
"هذا ليس وقت التمرد يا فرح.." قالت سالي وهي تنهض، ثم مدت يدها وأمسكت بيد فرح برفق:
"تعالي، يجب أن تعودي الآن، سيقلقون عليك."
لكن فرح سحبت يدها بقوة، لتقف في مكانها ثابتة، وفي عينيها إصرار لم تألفه سالي من قبل. قالت بصوت عالٍ، ممتزج برجاء حاد:
"اسمعيني للحظة... ألا تستطيعين؟ هناك أمر... يجب أن أخبرك به!"
توقفت سالي، وحدقت بها بذهول. القلب خفق بقوة، والهواء حولها صار ثقيلاً. همست بصوت خافت يخفي قلقًا حقيقيًا:
"ماذا؟ هل تأذى أحد؟"
لكن ما حدث بعد ذلك فاجأها.. فرح انهارت فجأة، وضرت الأرض بقدميها:
"لا!" صرخت وهي تشهق، "لكنهم.. أخذوا إخوتي الصغار يا سالي!"
ارتجف جسد سالي للحظة. ساد صمت ثقيل بينهما. شعرت وكأن الدم جمد في عروقها. عيناها لم تفارق وجه فرح المنهار، وخرجت الكلمات من فمها بالكاد:
"مــ... ماذا؟"
كانت الكلمة الوحيدة التي استطاعت النطق بها، بينما عقلها يغرق في تفسيرات كثيرة للجملة التي نطقتها فرح.
حكت فرح لسالي ما حدث مع الصغار، وكيف سلمهم خالد إلى الوزارة، كانت تستمع وهي تشعر بالذهول، الصغار بداية من عبدالله حتى ماريا! تم أخذهم من منزلهم ومن بين عائلتهم! وسلمهم خالد بنفسه!
هبطت كلمات فرح على سالي كالصاعقة، تجمّدت في مكانها كتمثال من الذهول. عيناها ظلّتا معلقتين بالأرض، تتأملان الفراغ تحاول أن تفهم ما لا يُفهم، بينما كلمات فرح الأخيرة تدور في رأسها بصدى متكرر.
أما فرح، فجلست على طرف الكرسي وكأنها تحمل ثقل العالم فوق كتفيها،. دموعها انهمرت بصمت أولاً، ثم انفلت صوتها المرتعش من بين شهقاتها:
"لا أستطيع استيعاب ما حدث.. أنتي لا تتخيلين المنزل من دونهم يا سالي.. لا أحد يستطيع!"
مرّت لحظات طويلة، ثقيلة، وسالي لا تزال على حالها، شاحبة الوجه، ونظراتها غارقة في غيم من الشرود. ثم خرج صوتها أخيرًا، خافتًا:
"وخالد؟ سيتركهم؟"
هزّت فرح رأسها بسرعة:
"لا.. لا، لم يتركهم. رفع دعوى لاسترجاعهم، ويزورهم يوميًّا في الدار التي أُودعوا فيها منذ أربعة شهور."
رفعت سالي عينيها ببطء، تحملان قلقاً متشابكاً بالحيرة، ثم سألت، وصوتها يحمل ارتجافة غير مرئية:
"وكيف حالهم؟"
أغمضت فرح عينيها، وأطلقت تنهيدة طويلة، كأنها تحاول تهدئة قلبها الذي يوشك على الانفجار:
"أبيه يقول إنهم بخير.. لكنه لا يرى ما أراه. لارا فقدت طاقتها.. لم تعد لارا التي نعرفها يا سالي. أما يحيى، ذلك المشاكس الصغير، المربية قالت إنه لا يتحدث مع أحد."
توقفت للحظة، ثم واصل صوتها في الانكسار تدريجيًّا، حتى أصبح بالكاد يُسمع:
"وماريا.."
ترنّحت الكلمة في الهواء قبل أن تذوب في بكاء جديد، أكثر مرارة:
"ماريا ليست بخير.. ولا عبد الله، ولا ليان، ولا علي، ولا سارا، ولا فؤاد.. كلهم ليسوا بخير. كلهم ضائعون."
اقتربت سالي منها دون كلمة، وجلست إلى جوارها ببطء. مدت يدها المرتجفة وربتت بلطف على كتف فرح، لم تكن تملك ما تقدمه سوى هذا اللمس الخفيف، الذي حمل ما لم تستطع أن تعبّر عنه بالكلمات.
لكن فرح لم تهدأ، بل أكملت، بعينين متسعتين من الرعب، وصوت يختلط فيه الخوف بالرجاء:
"المشكلة ليست فقط أنهم في دار أيتام.. المصيبة، يا سالي، أنهم قد يُكفلون! ماذا لو رغبت عائلة في ماريا قبل أن تصدر المحكمة حكمها في الدعوى التي رفعها أبيه؟!"
شعرت سالي وكأن الهواء فُرغ من المكان، ثم همست، بالكاد تُسمع:
"متى موعد الجلسة؟"
أجابت فرح بصوت مرتجف، وعيناها لم تجف دموعهما:
"بعد أسبوع.. إنها الأخيرة"
ثم أضافت بتعاسة:
"هذه الجلسة ستحسم وتغير كل شيء."
مسحت فرح دموعها بكف مرتجفة، ثم رفعت عينيها نحو سالي، تحدق فيها بنظرة ممتزجة بالحنين والخذلان، وكأنها تبحث في وجهها عن إجابة كانت تنتظرها منذ زمن. بصوت خافت، محمّل بالمرارة، غيرت مجرى الحديث وسألت:
"لماذا رحلتِ وتركتِنا؟ كنا نحتاجك معنا يا سالي... لماذا ذهبتِ بعدما تعلقنا بك وأحببناكِ كأنكِ منا؟"
ساد صمت ثقيل للحظة، قبل أن ترفع فرح يدها فجأة أمام سالي، تكشف عن معصمها المجروح، وهمست بصوت مرتعش، غارق في الألم:
"انظري.. لقد عدتُ لأفعلها من جديد. أشعر بالانهيار، ماما رحلت، ثم أنتِ، ثم أُخذ إخوتي.. ماذا أفعل؟!"
شعرت سالي بشيء يشبه الطعنة يخترق صدرها، وجع صامت سرى في عروقها وهي تحدّق في آثار الجرح على معصم فرح. دون تردد، مدت ذراعيها واحتضنت الفتاة بقوة، كأنها تحاول ضم كل أوجاعها في صدرها، وهمست بحرقة:
"أنا آسفة يا فرح.. آسفة حقًا، لقد فعلتُ ذلك رغماً عني."
رفعت فرح وجهها من بين ذراعيها ونظرت إليها برجاء:
"ماذا حدث؟ أخبريني، ألسنا صديقتين؟"
مرّت يد سالي برفق على شعر فرح، ثم قالت بصوت خافت، كأنها تكلم نفسها:
"الأمر أعقد مما تتصورين، وأصعب من أن أشرحه الآن.."
ثم غيرت نبرة صوتها فجأة، تحاول أن تتماسك، أن تخرُج من دوامة الحديث:
"هيا، تعالي معي الآن."
نهضت سالي من مكانها، ومدت يدها لفرح، وسحبتها بلطف لتقف، ثم قالت بصوت أكثر ثباتًا، وإن كان لا يزال يحمل شيئًا من الحزن:
"لنذهب إلى البيت."
في تلك اللحظة، اهتزّ هاتف فرح. نظرت إليه وتأملت اسم المتصل، ثم رفعت عينيها إلى سالي وهمست:
'إنه أبيه.. يحاول الاتصال بي منذ الصباح.'"
نظرت سالي إلى فرح بعتاب خافت، ثم أومأت برأسها نحو الهاتف الذي ظل يرنّ بإلحاح وقالت بنبرة هادئة ولكن حازمة:
"أجيبي عليه، يا فرح... إنه قلق عليكِ."
أخذت فرح نفسًا عميقًا، وكأنها تستعد لمواجهة، ثم بيد مرتجفة ضغطت زر الرد. لم تكن بحاجة لأن تتكلم، فالصوت على الطرف الآخر بدأ فورًا، غاضبًا، سريعًا، يمطرها بالكلمات دون توقف. حاولت فرح أن تقاطعه، أن توضح:
"أبي.. اسمعني.. أرجوك.."
لكن الكلمات علقت في حلقها، ولم تسعفها نبرتها المرتجفة في تهدئته.
جلست ساكنة تستمع، بينما عيناها تدمعان بصمت، ثم التفتت إلى سالي وهمست بصوت يكاد لا يُسمع:
"أنا مع الدكتورة سالي.. سافرت إليها."
وفجأة، خيّم الصمت على الطرف الآخر من المكالمة. خفت الصوت، وتوقفت التوبيخات، وبدا وكأن الصدمة أخذت مكان الغضب.
انتظرت فرح، ثم سألت بتردد:
"أبيه؟.."
مرت لحظة طويلة، قبل أن يرد الطرف الآخر بشيء لم تتمكن سالي من سماعه، كغيره من المكالمة التي كانت كل كلماتها مقتطعة وعنيفة.
أجابت فرح بصوت خفيض، يحمل ذنبًا وشيئًا من الخجل:
"حسنًا.. سأرسل له العنوان."
ثم أغلقت المكالمة ببطء، وهي تخفض الهاتف، ونظرت إلى سالي بعينين حزينتين:
"محمود سيأتي ليأخذني."
شردت سالي للحظة، ثم قالت بلطف:
"حسنًا.. تعالي معي، تتناولين الغداء أولًا. الطريق طويل، وسيستغرق ساعات. تستطيعين أن تستريحي قليلًا في بيتنا."
أومأت فرح دون اعتراض، وكأنها كانت بحاجة بالفعل إلى بعض الراحة. رافقت سالي إلى منزلها، وهناك استقبلتها السيدة سهام بذراعيها المفتوحتين وابتسامة دافئة:
"أهلاً بكِ يا حبيبتي."
دلفت فرح إلى الداخل بخجل، بينما كانت رائحة الطعام المنزلي تملأ المكان وتدعو تلقائيًا للاطمئنان. لم تمضِ دقائق حتى كانت المائدة الصغيرة في الصالة قد اكتملت، وضعت عليها السيدة سهام أطباقًا شهية، تبادلت فرح وسالي النظرات، ثم نظرت فرح إلى طبقها بشهية خجولة.
بدأوا تناول الطعام معًا، وتدريجيًا بدأ التوتر يتلاشى من صوت فرح، فأصبحت تتحدث أكثر، حتى انفجرت ضاحكة عندما علّقت زينة على طريقتها الغريبة في تقطيع الدجاج. اختلطت على الطاولة همسات خافتة، ضحكات دافئة، وصوت الملاعق يصطدم بالأطباق. وقضت فرح وقتًا هادئًا ولطيفًا، إلى أن وصل محمود أخيرًا ليصطحبها.
دقّ الباب ودخل بهدوء، وسرعان ما رحبت به سالي بلطف. تبادل الاثنان كلمات مجاملة سريعة، ثم وقبل أن تغادر فرح برفقته، طلب مستر محمود بصوت خفيض:
"لو تكرمتي.. هل يمكننا الحديث لبضع دقائق، على انفراد؟"
نظرت سالي إليه بتمعن، ثم أومأت برأسها موافقة، وأشارت له أن يتفضل إلى الصالة الجانبية.
في البداية، كان الحديث عابرًا، مجرّد تمهيد لما سيُقال. تبادلًا لبعض الكلمات العامة، صمت بعدها محمود قليلًا، ثم تنهّد أخيرًا وقال بصوت هادئ:
"حسنًا.. لننتقل إلى صلب الموضوع."
رفع عينيه نحوها، وارتسمت على وجهه ابتسامة خجولة قبل أن يكمل:
"سأكون صريحًا.. في الحقيقة، كنت معجبًا بك منذ لحظة دخولك إلى المنزل."
توترت سالي عند اعترافه، وارتبكت كلماتها:
"مـ... مستر محمود.."
لكنه لم يتراجع، بل تابع بصوته الهادئ:
"أعرف أن ما أقوله الآن يبدو غريبًا، خاصة في مثل هذه الظروف.. لكن اسمحي لي أن أُكمل. نعم، فاجأتك، أليس كذلك؟ لكن صدقيني، لقد تخلّيت عن تلك المشاعر تمامًا، منذ أن بدأت أشعر أن هناك أمرًا ما بينك وبين خالد."
توقف لحظة، وكأن الذكرى أثقلت على صدره، ثم استأنف:
"في الحقيقة.. كنت على وشك أن أحاول لفت نظرك، لكنني لم أستطع، ببساطة.. لا أستطيع أن أكون طرفًا ثالثًا في علاقة تجمع بين اثنين تربطهما مشاعر حقيقية. هذا لا يُشبهني. كما أن خالد ليس فقط صديق عمري، بل هو رئيسي أيضًا.. لقد وقف بجانبي في مواقف كثيرة، ولا يمكنني أن أطعنه في ظهره."
ساد صمت قصير، قطعه صوت سالي الخافت المتردد:
"مستر محمود.. اعذرني، لا أفهم تمامًا ما الذي ترغب في قوله بهذا الحديث؟"
تنهد محمود بعمق، ثم نظر إلى سالي نظرة مباشرة وصادقة، وقال:
"خالد يحتاج إليك، خاصة في مثل هذه الظروف القاسية. أنا متأكد أن بينكما مشاعر متبادلة، حتى وإن كان هناك خلاف، أتمنى أن تجدا له طريقًا للحل."
سكت لحظة، ثم تابع بنبرة يملؤها الإشفاق:
"ذلك الرجل يتعذّب، يتألّم بصمت، ويمر بأسوأ أيامه. هو وحيد، دكتورة.. أراه يوميًا يتولّى مهامه، يؤدي كل ما يُطلب منه، لكنه ليس كما كان. عيناه.. لم تعُد فيهما تلك الحياة، فقدتا بريقهما، صارتا باهتتين."
أخفض نظره لبرهة، كأن المشهد حضر في ذهنه، ثم رفعه مجددًا وأكمل:
"منذ رحيل الصغار عن المنزل، شيء ما فيه انكسر. لم أكن أظن أن الأمر سيؤثّر فيه إلى هذه الدرجة. كنت أظنه يؤدي واجبًا فُرض عليه، لا أكثر، لكنه.. يحبهم، بل يعشقهم. خالد رجل حساس، ويحب بصدق، وإن لم يُظهر ذلك دومًا."
ثم نظر إليها بنبرة أكثر إشفاقاً:
"وهو الآن بحاجة إلى دعم من يُحب.. وبالأخص منكِ أنت، دكتورة."
قاطعهما صوت طرقات خفيفة على الباب، ثم دخلت زينة وهي تحمل كوبًا من المشروب، وضعته أمام سالي بهدوء. رفع محمود نظره نحوها وعدّل نظارته بدهشة خفيفة وسأل:
"أهذه شقيقتك؟ أنتما لا تتشابهان كثيرًا."
ابتسمت الشقيقتان، إحداهما بخجل والأخرى برزانة، ثم أجابت سالي وهي تشير إلى أختها:
"هذه أختي زينة."
ثم نظرت إلى زينة وقالت بهدوء:
"زينة، هذا مستر محمود، صديق مستر خالد وسكرتيره."
تبادلا التحية سريعًا، ثم انسحبت زينة بلطف، تاركة لهما المجال للحديث براحة.
تنهدت سالي قليلًا ثم قالت:
"أنا ممتنة لمشاعرك اللطيفة حقًا.. ولكن.."
ترددت للحظة، ثم تابعت بصوت أقرب إلى الهمس:
"هناك أمور معقّدة حدثت.. لا أعرف ما الذي يمكنني فعله الآن، لكنني.. أريد أن أساعد، بأي طريقة ممكنة."
أومأ محمود بامتنان، ثم قال بنبرة رجاء:
"تعالي يوم المحاكمة وأدلي بشهادتك.. نحن نحاول إثبات أن الصغار لا يجب أن يُنتزعوا من المنزل. لدينا شهادات كثيرة، لكن شهادتك أنت.. ستُحدث فرقًا كبيرًا معه هو بالذات. أرجوكِ يا دكتورة، لا ترفضي."
سكتت سالي لبرهة، ثم رفعت رأسها وقد بدا التصميم في عينيها:
"حسنًا.. سأفعل ذلك. أرجوك، أخبرني بالموعد، وسأكون هناك يوم المحاكمة."
ابتسم محمود بلطف، وقال بامتنان:
"أشكرك يا دكتورة لتفهمك.. خالد والأطفال سيكونون سعداء برؤيتك."
تسلل الصمت بينهما للحظات، بينما غاصت سالي في دوامة من التفكير، تتخيل ذلك اليوم الذي ستراهم فيه مجددًا. كيف ستكون ملامحهم؟ هل ستسير المحاكمة كما يتمنون؟ هل سيتمكن خالد من استعادة الصغار قبل أن يفوت الأوان؟ ماذا سيكون رد فعله لرؤيتها بعد غياب طويل؟
عشرات السيناريوهات والأسئلة مرّت في خيالها. لكن سالي لم تكن تعلم أن القدر نفسه كان يحضّر لها مفاجآت.. أحداثًا ستغير مجرى حياتها إلى الأبد.
نهاية الفصل التاسع والأربعون.
وتُستكمل القصة في الفصل القادم. بإذن الله.
من فضلكم لا تنسوا Vote لو أعجبكم الفصل.
***
شكراً على صبركم
كاتبتكم ءَالَآء
سؤال الفصل: توقاعتكم للأحداث الجاية؟
***
* اعذروني على أية أخطاء أكيد أكيد غير مقصودة.
بشكركم جداً على صبركم وانتظروا الأفضل بإذن الله.
لينك الرواية على مدونتي:
https://alaatareks.blogspot.com
تابعوني على:
instagram: alaatareks
TikTok: alaatareks
x: alaatareks
متنسوش تقرأوا قصصي القصيرة الخيالية، متأكدة انها هتعجبكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق