رواية المنزل
الفصل الخامس
مكتبة
طرق محمود الباب، ودخل بعد أن أذن له خالد بصوت منخفض:
- "أدخل".
وجد رئيسه يجلس في الشرفة مستغرقًا في التصميم أمامه، كان شعره مبلول تتساقط منه قطرات الماء ويبدو أنه خرج للتو من الحمام. سأله محمود وهو يجلس على الأريكة مقابل الشرفة والرجل أمامه في مرمى البصر:
- "ما الذي يجعلك مستيقظاً في مثل هذا الوقت؟، ألا تنام أبداً؟".
تجاهل خالد سؤاله، ورد عليه بسؤال بنبرة هادئة دون أن يلتفت إليه:
- "لماذا تأخرت؟".
- "جلست أتحدث قليلاً مع الآنسة سالي".
أدار خالد رأسه وقال بلهجة ناعمة:
- "يبدو أنكما تحدثتما في أمور مهمة".
امتزجت لهجته بالقليل من السخرية، فاستند محمود على الأريكة وهو يقول بلهجة حاول جعلها غير مبالية:
- "كانت مجرد ثرثرة عن الكتب، هل هناك خطأ في ذلك؟".
رمقه خالد بنظرة غريبة، وردد كلمات محمود ونبرته ما زالت تحتفظ بنعومتها:
- "لا، لا خطأ في ذلك".
رسم خطاً مُنحنياً دون وعي بدلاً من رسم خط مستقيم، كان في الواقع مستغرقاً في أفكاره الخاصة، لكنه سرعان ما استعاد انتباهه وقال بوضوح:
- "أنبهك يا محمود ألا تضايق الموظفون في بيتي".
كانت لهجته عادية لمن لا يعرفه عن قرب، ولكن محمود لاحظ بعض الصرامة الخفية في هذه اللهجة التي يعرفها جيداً، فاستند براحة على الأريكة على الرغم من الضيق الذي شعر به بسبب هذا التحذير الذي نادراً ما يصدر من خالد، ولكنه مرر الأمر وقال وهو يحافظ على نبرة اللامبالاة الخاصة به:
- "أنت آخر شخص عليه أن يقلق مني، لست هذا النوع من الرجال، أنا رجل نبيل".
مدح محمود نفسه بفخر مما جلب الابتسامة إلى شفتي خالد. في الحقيقة لم يكن محمود مجرد مساعد لخالد، بل صديق ورفيق، حكاية صداقة بدأت منذ سنين، وهذا ما جعل لمحمود مكانة خاصة ليس عند خالد فقط، ولكن أيضاً في هذا المنزل، لذلك كان من الغريب على صديقه أن يتحدث بمثل هذا الجفاء. كان عقله في الواقع مقسوماً بين أمرين، ولكن بعد دقائق من حالة الصمت التي تعود عليها محمود مع هذا الرجل، سمعه ينهض بسلاسة وهو يقول مُتنهداً:
- "هل أحضرت التقارير؟".
التقط محمود التابلت الذي أحضره معه وفتحه وهو يعدل من جلسته قائلاً:
- "أنا لم أنم بسبب تلك التقارير، سآخذ علاوة نيابةً عن تعبي في جمع هذه المعلومات".
- "كف عن التذمر وأرني ما جمعته".
- "لديك هنا معظم أسامي الكتاب المشهورين في المجال الأدبي، وأضفت بعض الأسماء المهمة من دول عربية أخرى، وهناك ايضاً معلومات مفصلة عن كل أديب".
سلم التابلت لرئيسه الذي تأمل الأسماء بعناية ثم سأله:
- "هل هذا مجهودك الشخصي؟".
قال محمود بتلقائية وصراحة:
- "بالطبع لا، لقد جمعت تلك المعلومات بصعوبة، وبمساعدة آخرين".
كان محمود يُفكر لو كان لديه الخبرة الكافية لتباهى بها أمام الآنسة سالي بها، ولكنه لا يستطيع حتى أن يفعل ذلك كي لا يُفشي أسرار العمل لشخص غريب مثلها. ابتسم خالد وقال:
- "كنت متأكد، إذاً سأراجعها فيما بعد، سيكون من الجيد أيضاً أن نضيف أسماءً أجنبية لهذا الافتتاح، هذا سيساعد على تعزيز المعرفة بالأدب العربي، علينا الاهتمام بالقسم الخاص بالأدب العربي المترجم للإنجليزية".
أكمل بعد ثوان:
- "أريدك أيضاً أن تفرزهم حسب المجال الذي يكتب فيه كل أديب".
كان محمود يكتب وراءه في مفكرة وهو يهمهم بالموافقة.
- "علينا دعوة المؤثرين خاصة الذي يقدمون محتوى راقٍ وجذاب".
استطرد وهو يدقق في المعلومات أمامه:
- "علينا فتح باب للتقديم للكتاب الهواة في مجال القصة القصيرة، وسنختار الفائز ليقدم قصته مع مؤثرات بصرية لتكون الفقرة الأولى للافتتاح".
تأمله محمود بإعجاب:
- "من أين جئت بتلك الفكرة".
ابتسم خالد بدهاء:
- "إلهام".
- "فالتقدم أنت القصة إن كان لديك مثل هذا العقل العبقري".
حافظ خالد على ابتسامته وقال مُكملاً حديثه:
- "بالنسبة للكتب...".
توقف فجأة ثم تنهد مُكملاً:
- "فالحديث فيها سيطول، أهم نقطة هي الأسعار، إن استطعنا التحكم فيها هذا سيشجع الناس للشراء والعودة إلى القراءة، وهذا هدف المكتبة الأول".
قبل أن يرد عليه محمود قاطعهم صوت عالٍ صادر من الحديقة:
- "أبيه!".
نهض خالد بسرعة تجاه الشرفة ليجد لارا وفؤاد يناديان عليه بأعلى صوت:
- "أبيه، الفطور جاهز".
أشار لهم وعلى محياه ابتسامة:
- "اخفضوا أصواتكم، سآتي حالاً".
لكن الأطفال لم يعيروا كلامه انتباهاً وتمادوا في النداء، فخرج من الشرفة وهو يقول لمحمود:
- "خذ في الاعتبار لا راحة اليوم، هناك الكثير من الأمور التي تتعلق بالمكتبة علينا أن ننتهي منها".
تثاءب محمود بملل وقال:
- "أفكر في كثير من الأحيان أن أتقدم بشكوى ضدك في مكتب العمل، على الأقل يا رجل أمنحني يوم إجازة هانئ".
قال خالد وهو يتفحص هاتفه باهتمام:
- "لا هناء ولا راحة حتى ننتهي من أمر المكتبة، أمامنا الكثير من العمل".
تمتم مرؤوسه:
- "أنا لا أنام الليل بسبب تلك المكتبة".
تأمل خالد الساعة في يده وقال:
- "حسنًا هيا نتناول الفطور مع الأولاد ونكمل هذا الحديث فيما بعد".
نهض محمود وهو يتنهد بسبب هذا الرجل المتسلط:
- "ما الذي جاء بي إلى هنا!".
فتح خالد الباب وسمح له بالخروج أولاً وشفتيه تميل بابتسامة خفيفة.
***
لم تشارك السيدة أنيسة الفطور كعادتها مع الجميع مما أثار استغراب سالي وتساؤلاتها، فالتفتت إلى فرح التي تجلس بجوارها وتعبث بهاتفها بإنتباه شديد، سألتها هامسة:
- "فرح، أين ماما؟".
تركت فرح هاتفها، ونظرت إليها بحيرة قائلة:
- "ماما لا تشاركنا الفطور يوم الجمعة، ولكنها ستأتي قبل الغداء".
سكتت سالي ولم تتعمق في أسئلتها أكثر من ذلك، على الرغم من هذا الفضول البشري الطبيعي داخلها، فقد كانت أنيسة أهم شخص في هذا المكان وغيابها عن أي تجمع لأمر غريب. انحسرت أفكارسالي عن أنيسة تدريجياً وتأملت فرح ولاحظت أن الفتاة شاحبة وعيونها تحيطها السواد وكأنها لم تذق طعم النوم، كان الموقف لا يتحمل سؤال الفتاة عن حالها بسبب صخب وفوضى الأطفال. ولم تسلم قاعة الطعام من عبثهم وجرائمهم. كانت تتناول طعامها ويرافقها شعور بعدم الراحة بسبب محمود الذي يرمقها بنظرات من حين إلى حين، تعاملت هي مع تلك النظرات وكأنها لا شيء، وأكملت طعامها بهدوء دون أن تتلفت إليه. لاحظت أيضاً أن خالد لا يتفاعل فقط إلا مع الأولاد ويمازحهم، ومع الموظفين يتعامل بأدب ولا يوجه كلامه إليهم إلا في حالات قليلة جداً عند الضرورة، كان هذا الرجل علامة استفهام كبيرة بالنسبة لها، حضورع ثقيل وهالته لا تحتمل تحاول تجنبها.
سألتهم ذكية وهي تقدم لنور الطعام:
- "ماذا تحبون اليوم على الغداء؟".
أندفع الجميع بوجبته المفضلة لكن خالد طرق على طبقه ليصمت الجميع، فأستغل أحمد الفرصة وأقترح:
- "ما رأيكم أن نشوي في الحديقة؟، لم نفعل هذا منذ زمن".
أجمعوا كلهم على هذا الاقتراح، وبدأت السيدة ذكية في تحضير اللحم وتتبيله حتى يحين وقت الشواء، وما فاجأ سالي هو أن نور كانت تساعد المرأة وابنتا أخيها في تحضر الطعام، وكانوا يسمحون لها بالتقاط السكين الحادة على الرغم من إعاقة الطفلة، وعندما حاولت سالي التدخل، غمزت لها المرأة حتى لا تتدخل وطمأنتها بهمس:
- "لا تقلق يا آنسة، نور طفلة حذرة وموهوبة وأحمد سيساعدها".
بالفعل لاحظت سالي أن أحمد وهو أقرب الأطفال لنور كان يساعدها بجد ودون ملل، ولكن يبدو ان علاقتهما متوترة هذه الأيام، نظراً لمحاولة نور تجنب أحمد كلما اقترب منها، على ما يبدو أن هناك خلاف بينهما. فكرت سالي، هذا البيت فعلاً شبكة من العلاقات المتقاطعة.
أنشغل الأطفال مع بعضهم في الحديقة، أما خالد ومحمود فجلسا تحت العريشة يناقشان أمورهما الخاصة بالعمل. كانت هناك بعض النواقص التي احتاجتها ذكية فطلبت من حسن أن يذهب لإحضارها، لكن الأطفال الصغار الأربعة تمسكوا بإصرار على الذهاب معه، فعرضت سالي أن ترافقهم حتى لا تحدث أية عواقب، وعندما حاول محمود انتهاز الفرصة والذهاب معهم رفض خالد، وفشلت محاولة محمود للهروب من براثن هذا الأسد العنيد. وذهب جماعة مكونة من سالي وحسن والأطفال الصغار، حاولت سالي أن تخوض حديث مع الفتى البارد لكن الأطفال منعوها بشقاوتهم فاستسلمت أخيراً حتى حدث ما لم تتوقعه. كانت سالي قد تركت الأطفال في عهدة أخيهم الكبير، وذهبت للبحث عن شيء محدد من طلبات الست ذكية، حتى سمعت صراخ وضجيج الناس صادراً من الاتجاه الذي تركتهم فيه، فانتفض قلبها وهي تتمتم دون وعي:
- "الأولاد!".
وركضت لتجد حسن يسحب لارا التي تتشبث بشعر يحيى وعلب التونة والصلصة متناثرة حولهم، كانت لارا تصرخ ببكاء:
- "أعطني الحلوى الخاصة بي!".
صرخ يحيى:
- "أنا من عثر عليها أولاً!".
حاول حسن أن يخلص شعر يحيى من براثن الطفلة المتوحشة، لكن الطاقة العظيمة داخل هذا الجسد الصغير غلبته. ذهلت سالي وهي تراهم على هذا الحال، تركتهم فقط لدقائق وعادت لتجد هذا المشهد المجنون. ركضت بسرعة وحاولت إفلات شعر الفتى وهي تصرخ في الطفلة الهائجة:
- "حسن ما الذي حدث؟ لارا اتركيه!".
صرخت الطفلة بأعلى صوت لديها:
- "لا، الحلوى خاصتي!".
وقف فؤاد وسارة وعلي مع بعض المتفرجين أمام هذا المشهد وهم يشعرون بالذهول، لكن فؤاد ركض وهو يصرخ:
- "اترك الحلوى الخاصة بلارا".
كان هذا فوق قدرة سالي التي حاولت أن تحجز فؤاد بذراع وتبعد لارا التي يحملها حسن بذراعها الأخرى، ثم نظرت متوسلة إلى أحد العمال الذين يقفون في المول، فركض تجاهها بسرعة وسحب فؤاد بعيداً واستطاع حسن أن يسحب لارا التي تنتفض بشراسة، انحنت سالي وهي تتفحص يحيى الذي ظهرت الدموع في عينيه الشبيهتان بعيون الفأر، وقالت بلطف:
- "حبيبي لا تبكي".
كان جسد الفتى ينتفض بين ذراعيها، فضمته سالي بلطف ليبكي ويسوق وراءه فؤاد وسارة، وصار الخمسة يبكون وعيونهم وأنوفهم تسيل بغزارة.
حاولت سالي السيطرة على الوضع بلطف وتهدئة الأجواء، ونظرت بتوسل إلى حسن الذي احتضن أخته برفق، كانت الطفلة تتشبث برقبته كالقطة وتبكي بنحيب، والباقين يتشبثون بسالي التي أصابها الذهول من تلك العاصفة المفاجئة.
نهاية الأمر، حصل الجميع على نفس نوع الحلوى من المخزن، وتم ارضاؤهم من مدير المول الذي أعطاهم الحلوى مجاناً وهو ينظر إلى سالي بشفقة، تساءلت سالي والدموع تكاد تخرج من مقلتيها:
- 'ماذا يعتقد هذا الرجل؟'.
كانت تشعر بالإحراج والخجل من هذا الموقف الذي أحدثه الأطفال دون مبالاة، وبعد مئات من الاعتذارات لجميع العمال الذين ابتسموا لها برحابة صدر، تأكدت منهم بأنه لا تلفيات حدثت بسبب الأطفال.
أسرعت في إحضار الطلبات ورحلت بهم سريعاً، حملت يحيى بين ذراعيها وحسن حمل الأكياس، ولارا على ظهره تتشبث به بقوة حتى لا تقع، أما علي الذي يبلغ من العمر خمس سنوات طلبت منه سالي أن يمسك بيد سارة وفؤاد بما انه ألأكبر، و ساروا في المنتصف وأنوفهم تسيل بسبب البكاء، كان الجميع يتمسك بحلواه حتى ذابت من قبضاتهم الصغيرة، أما سالي كانت تسير وشعور بالرعب يرافقها خوفاً من عودة هذا القتال الحامي بين الأطفال، ولكن الأمر مر على خير ودخل الجميع من بوابة المنزل تحت نظرات الحيرة الصادرة من عم حمدي وزميليه، وصولاً إلى الحديقة التي تم تجهيزها بمعدات الشواء. لاحظتهم فرح وركضت تجاههم لتأخذ منهم الأكياس، تأملت الأطفال الباكين، وسالي المتوترة والتي يبدو وكأن شعرها قد صار مهزوزاً قليلاً، أما حسن فهو غير مبالي كعادته. سألتهم فرح بحيرة:
- "ما الذي حدث؟".
بكت لارا وهي تنسحب عن ظهر حسن الذي انحنى ليسهل عليها النزول، وركضت الطفلة وهي تبكي في اتجاه خالد ومحمود وتشبثت بخالد الذي تفاجأ من اندفاع الطفلة، نهض وهو يحملها برفق وسألها والقلق يرتسم على وجهه:
- "ماذا حدث لماذا تبكين؟".
نظر إلى الأطفال، ثم إلى حسن وسالي متأملاً ومُنتظراً إجابة لم يجدها من حسن، فنظر إلى سالي التي تحمل يحيى بين ذراعيها قائلاً وهو يضيق عينيه:
- "ماذا حدث يا دكتورة، لماذا يبكي الأطفال؟".
تراجعت سالي خطوتين إلى الوراء وانتابها التوتر وهربت الكلمات من شفتيها فظهرت وكأنها مقصرة، رفعت يحيى بين يديها اللتان بدأتا تتخدران من وزنه الثقيل عليها، وحاولت ترتيب الكلمات وقبل أن تفتح فمها قال حسن:
- "لارا ويحيى تشاجرا في المول وتم حل الأمر، أنت تعرف لارا".
ثم نظر ببرود إلى أخته التي أشاحت وجهها ودسته في عنق خالد. شكرت سالي حسن في سرها وتحدثت بتردد وهي تمسح على ظهر يحيى:
- "لا تقلق لم يتعرض أحد لسوء، جميعهم بخير".
نظرت إلى سارة وفؤاد وشعرت بالأسف عليهم فأنزلت الطفل على الأرض لتواسيهم، ولكن يحيى تشبث بملابسها ورفض الابتعاد عنها. همس خالد في أذن لارا التي أومأت برأسها وأفلتت ذراعيها عن رقبته، فأنزلها والتقط يحيى الذي بكى وحاول شرح ما حدث بكلمات متعثرة إلى خالد، كان الفتى يشعر بالروع ويتحدث بتوتر، حكى أنه أمسك الحلوى قبل لارا التي تشبثت بها وأرادت سرقتها منه لكنه دفعها بقوة، وهذا فسر سبب تناثر علب التونة والصلصة على الأرض. فور سماعها ذلك تفحصت سالي لارا بسرعة وسألتها إن كان هناك ما يؤلمها، ولكن لارا هزت رأسها بالنفي فارتاح بالها قليلاً، ثم اطمأنت على باقي الأطفال وتأكدت أنه لا مشكلة لديهم، طمأن خالد الفتى الصغير وهدء من روعه، وفي ذلك الحين وفي وسط هذا اللغط سمعوا البوابة التي فتحها عم حمدي للسيدة أنيسة التي عادت أخيراً، وهنا شعرت سالي بأنفاسها المكتومة تخرج تدريجياً وبالاطمئنان يسيطر على جسدها المرتعد، تساءلت، ألهذا الحد مسؤولية الأطفال صعبة ومثيرة للأعصاب؟ كيف للطفل أن يحدث عاصفة في ثانية واحدة؟ بعد أن فرغت من تساؤلاتها أدركت أخيراً أن جسدها كان يرتجف بشدة.
تقدمت السيدة أنيسة إليهم تتأملهم بحيرة، وقالت وهي تبدل نظراتها بينهم:
- "ماذا حدث؟، هل هناك مشكلة؟".
تدخل محمود بسرعة وقال:
- "لا شيء الأطفال أثاروا القليل من الشغب".
تبدلت نظرات المرأة إلى القلق:
- "هل هم بخير؟".
تنهد خالد وهو يسلم يحيى لمحمود ووضع يده على كتف المرأة العجوز:
- "ماما لا تقلقي الأمور بخير، سأحكي لكِ فيما بعد، إن أردتِ خذي قسطاً من الراحة ونحن سنجهز الغداء".
تأملته المرأة باهتمام ولاحظت الإرهاق على وجهه فكررت سؤالها:
- "هل أنتم بخير؟".
تفاجأ خالد ورد بسرعة وعلى وجهه ابتسامة لطيفة:
- "نعم لا تقلقِ".
كان عدم الاقتناع يأخذ حيزاً من وجهها وقالت بشك:
- "سأبدل فقط ملابسي وأنزل مرةً أخرى".
نظرت حولها وهي تتفحص المكان:
- "هل قررتم الشواء؟".
قال خالد بلطف:
- "نعم".
تبدلت ملامح المرأة وابتسمت المرأة بحنان:
- "سأعود فوراً لتحكي لي ما حدث".
وبدأت حفلة الشواء قبل الغروب، تصاعد الدخان مختلطاً بالهواء وأصوات الصخب تعلو وتتصاعد مع تصاعد الدخان، وسرعان ما تلاشى أثر الموقف الذي حدث في المول، بالطبع ما زال الأطفال يشعرون بالوجوم خاصةً لارا، ولكنهم في النهاية تفاعلوا بشكل طبيعي مع باقي إخوتهم. تطوع خالد ليقوم هو بالشواء مع بعض الأحاديث الجانبية مع محمود والأطفال، ولكنه أخلص في عمله حتى جاءه اتصال، فترك المهمة للسيدة منى التي طلبت من فرح وسالي الذهاب لإحضار الأطباق من المطبخ.
كان الهاتف الخاص بسالي يهتز في جيبها، كان هناك مكالمات فائتة، ولكنها فقط تفحصت المتصل الذي كان أختها زينة فتجاهلت الاتصال حتى تفرغ من عملها. عاودها الاتصال مرةً أخرى وهي ترتب الأطباق فوق المفرش المفرود على الأعشاب، فاستجابت في نهاية الأمر لأختها اللحوحة وهي تسند الهاتف بكتفها:
- "زيزي".
- "سالي كيف حالك؟".
- "أنا بخير وأنتم؟".
لم ترد أختها بسرعة، ولكنها قالت على مضض:
- "نحن بخير".
كان هناك صمت غريب من أختها التي من عادتها التحدث كثيراً:
- "سالي هل اتصل بك بابا".
أمسكت سالي الهاتف، وقومت جسدها بانتباه وهي تسأل:
- "بابا؟".
لم يكن والدهم على اتصال دائم معهم لذا استغربت سالي هذا الأمر وهي تجيب:
- "لا".
قالت أختها بنفاذ صبر:
- "أرجوك تأكدي".
أزالت الهاتف من على أذنها وتفحصته لتجد بالفعل مكالمة فائتة من رقم غريب، مما أثار شكوكها:
- "لدي مكالمات فائتة ولم أنتبه إلى الهاتف، هل هناك مشكلة؟".
سمعت سالي أنفاس زينة وفي نفس الوقت ركضت لارا تجاهها وهي تبكي لأنها لمست الشواية الساخنة. سألتها شقيقتها:
- "هل أنت متفرغة؟"
نظرت سالي إلى لارا الباكية والفضول يسيطر عليها لمعرفة ما الأمر، ولكنها استسلمت في نهاية الأمر لبكاء الطفلة وقالت بتنهد:
- "لا".
ردت عليها زينة:
- "حسناً لا أستطيع أن أخبرك الآن، اتصلي بي عندما تفرغين".
قالت سالي باستسلام:
- "سأحدثك إذا في وقت آخر".
أغلقت الهاتف وانحنت بسرعة إلى الطفلة الباكية، وأمسكت أصبعها الصغير الأحمر تنفخ فيه، لم يكن حرقاً كبيراً، ولكنه مؤلم لطفلة في سنها، ولارا بالأخص كطفلة مزاجية أخذت تبكي وتتشبث فيها، شعرت سالي أن مزاج الطفلة كان سيئاً بشكل خاص بسبب ما حدث اليوم، فظلت بجوارها قليلاً وطلبت من ذكية الثلج الذي أحضرته بسرعة، ولم تترك الطفلة إلا وتأكدت أنها بخير. صار عقلها منشغلاً بعد هذه المكالمة المفاجئة، وطوال الوقت كانت تتساءل عن سبب اتصال والدها، فلم تتواصل معه لفترة طويلة تبلغ سنين، بل لم يحاول هو من الأساس أن يتواصل معهم، والمرة الأخيرة التي تواصلا فيها، كان المبادر فيها سالي نفسها لتسأله عن أموال الجامعة ووقتها ردها خائبة، ما الذي يجعله يتواصل معها الآن؟، ظل جزء من عقلها مُشغلاً حتى المساء في هذا الأمر.
مالت الشمس في كبد السماء وتركت ورائها شفقاً وردي اللون وعادت الطيور تسكن أعشاشها وسط الأشجار، وُضع الطعام الذي كان يتصاعد منه رائحة شواء لذيذة ومغرية، وما جعله ألذ هو أن الجميع شارك فيه، تعالت الأصوات الضحك والنقاشات والأحاديث الجانبية والحكايات التي كانت تصدر بنسبة كبيرة من الأطفال، كانوا يجبرون الكبار على الخوض في أحاديثهم الطفولية، ولكن الشيقة والممتعة، راقبتهم سالي بابتسامة جميلة مفتونة بهذه العائلة، هؤلاء البشر الذين اتحدوا دون أية صلة قرابة بينهم، ليكونوا هذه العائلة الجميلة. تذكرت طفولتها التي قضت أغلبها في جلب أختها من المدرسة والعودة إلى المنزل لتسخين الغداء المُعد سابقاً، فتنتظر والدتها لتعود من عملها وإن تأخرت والدتها تضطر إلى الأكل حتى لا تجوع هي وشقيقتها. انتابتها المرارة وهي تتذكر تلك الذكريات التي استيقظت فجأة في مثل هذا الوقت اللطيف كالغمامة الممطرة في يوم مشرق، مما جعلها تتساءل إن كانت هي نفسها اليتيمة أم هؤلاء الأطفال.
أسدل الظلام ستائره على العالم، فسكنت مخلوقات الصباح وصخبت مخلوقات الليل، إلا الإنسان، شعر الجميع بالامتلاء والاسترخاء بعد تلك الوجبة الدسمة وجلسوا تحت العريشة في هواء الليل الطلق المنعش ما بين أحاديث جانبية أو شجارات طفولية، أخذ خالد ومحمود جانباً بعيداً وبأيديهم بعض الأوراق الخاصة بالعمل، والأولاد الكبار تفرقوا منهم من صعد إلى غرفته والباقي تجولوا من مكان إلى آخر
استكمالاً لحدث المول تحدثت السيدة أنيسة الذي ظهر الإرهاق على وجهها العجوز:
- "على لارا أن تتأدب، تصرفها اليوم لم يكن طبيعياً".
صرف خالد نظره عن الأوراق ونظر إليها قائلاً:
- "الموضوع انتهى، كان مجرد شجار بين الأطفال وتصالحوا بعده، انظري إليهم".
كان الأطفال يلعبون دون قلق وكأنه لم يحدث شيء، لكن نظرات القلق لم تنجلي عن ملامح أنيسة التي تحدثت:
- "لا أعلم إلى أي حد كان سيصل هذا الأمر، من الجيد الآنسة سالي كانت معهم".
نظرت الجميع إلى سالي التي شردت بنظرها بعيداً وهي تمسك بكوب الشاي بين يديها:
- "هل أنت معنا يا آنسة سالي؟".
فالتفتت سالي بانتباه فور سماعها اسمها:
- "المعذرة؟".
ابتسمت أنيسة بخفة وقالت:
- "أنت لست معنا".
اعتذرت سالي:
- "أعتذر لم أنتبه للحديث".
- "لا تعتذري عزيزتي كنا نتحدث عن تصرف لارا".
التفتت سالي إلى لارا التي تركض بحماس:
- "الحمد لله لم المشكلة لم تتفاقم والأطفال لم يصابوا بالأذى".
قالت أنيسة:
- "ولكن تصرفها الجامح غير مقبول على تلك الطفلة أن تعاقب".
ردت السيدة منى وهي تتابع الطفلة التي تركض خلف توأمها بحماس:
- "سأتحدث معها غداً".
قالت أنيسة:
- "أنا قلقة عليها كثيراً، إنها شخصية مزاجية وجامحة أخاف أن تؤذي نفسها".
ردت السيدة منى عليها لتطمئنها:
- "الأطفال جميعهم هكذا، يحتاجون فقط للمتابعة والضبط، لا تقلقِ ستكون بخير".
تنهدت أنيسة وهي تتمتم:
- "أتمنى هذا".
تأملت سالي لارا، كانت الطفلة تلعب بسعادة، ولكن كان هناك قلق بداخلها تجاهها لم تعرف سالي سببه، ظلت تتأمل الطفلة حتى قطع المشهد رحيم وهو يأتي من بعيد على كرسيه المُتحرك، فسألته أنيسة بتلقائية:
- "أين كنت عزيزي؟".
رد الفتى وملامحه يكسوها الحزن:
- "الكمان الخاص بي وجدته مكسور".
سأله محمود:
- "ما الذي حدث له؟".
- "لا أعلم، عثرت عليه هكذا".
رد خالد باهتمام:
- "هل المشكلة كبيرة؟".
- "أحد الأوتار مقطوعة، وشرخ بسيط في الرقبة الخاصة به".
شعرت سالي بالاستياء على الفتى الذي يبدو عليه الحزن والوجوم بسبب كمانه المكسور، ولكنها فجأة تذكرت أنها رأت عبدالله يخرج من المنزل منذ ساعة مضت ويبدو عليه التوتر، هل له يد في ذلك؟ نفضت الأفكار من رأسها، وأقرت أنه مجرد شك لا أساس له. سمعت أنيسة تسأل رحيم:
- "ولكن هذا غريب، ما الذي كسره؟ هل سقط منك؟".
رد الفتى بحيرة قائلاً:
- "لا أنا حريص عليه، كما أنني وجدته في مكانه مكسور وليس على الأرض".
تنهد خالد:
- "لا تحزن سأصلحه لك".
كان الدموع على أطراف عيون الفتى الحمراء، هذا الكمان الغالي على قلبه كان هدية من والدته المرحومة، تابعته سالي ولاحظت دموعه فقالت بسرعة لتلاحق دموعه قبل أن تسقط:
- "ما رأيك لو دربتك قليلاً على العود حتى يتم إصلاح الكمان الخاص بك؟".
نظر رحيم إليها وهو يمسح طرف عينيه، وما زالت نظرات الحيرة على وجهه والتي سرعان ما تحولت إلى اهتمام ثم إلى حماس:
- "ولكني لم أعزف عليه أبداً".
قالت سالي برقة:
- "لا بأس سأعلمك بعض الأساسيات".
تدخلت أنيسة:
- "هذا جيد ستكون فرصة عظيمة لنستمع إلى موهبتك، أنا أتطلع إلى ذلك بشدة".
هنا انتقلت الحيرة من رحيم إلى سالي التي تفاجأت من طلب السيدة أنيسة، وقالت:
- "عذراً؟".
تحدث محمود متحمساً:
- "هذه فكرة رائعة".
قالت سالي بتردد:
- "لكن..".
قطعتها أنيسة:
- "لا أعذار، ليس من الطبيعي أن تكوني بيننا ولا نستمع ولو لمرة لعزفك".
نظرت سالي إلى الجميع الذين يضعون أنظارهم عليها حتى خالد، كان هناك حماس وتتطلع يتصاعد من عيونهم جميعاً فقالت باستسلام:
- "حسناً".
في تلك المدة التي ذهب فيها رحيم لإحضار العود على كرسيه المتحرك، فكرت سالي في الاعتذار، ولكنها أزاحت تلك الفكرة من رأسها، لقد وافقت بالفعل ولا مجال للهرب. عاد رحيم والعود على ساقيه وأعطاه لسالي المرتجفة المتوترة، التقطت العود وهي تفكر في المقطع الذي ستعزفه.
كان اختيار سالي هو أول شيء تبادر إلى ذهنها وهو لونجا رياض السنباطي، فثبتت عيناها على الأرض، وسحبت الهواء إلى رئتيها بعمق تحبسه قليلاً، ثم أخرجته مع أول ضربة على أوتار العود، وانساب لحن لونجا رياض بين الأوتار برقة وثبات، كان قرارها هو عزف مقطع صغير جداً منه حتى لا تتشتت أمام العيون المنصبة عليها، ولكن الموسيقى سحر أخاذ يستولي على الروح فتتصرف وكأنك لست أنت، شعرت سالي بأصابعها تتحرك دون إذن منها، والموسيقى تنساب بسلاسة من ذاكرتها فتندمج مع مشاعرها، وتطلقها أصابعها التي تتحرك بخفة على الأوتار ليخرج لحن اللونجا الدافئ، نسيت سالي العالم الخارجي وصارت حبيسة هذا اللحن العظيم ولم تكن على دراية بأن جمهورها يزداد ويراقبها باهتمام وهي تتهادى في خيالها على أنغام الأوتار.
في نهاية مقطوعة لونجا رياض ختمتها سالي بثبات ورقة، وفتحت عينيها دون أن ترفع رأسها شعوراً بالخجل، لكنها سمعت تصفيقه تلتها أخرى وأخرى، فرفعت عينيها ببراءة، وتجد الجميع يصفق لها، كانت السيدة ذكية وبنات أخيها يصفقون بحماس، نظرت إلى أنيسة التي كانت تصفق بابتسامة فخورة، محمود وفرح ورحيم وأحمد ونور، حتى الصغار، وعم حمدي الحارس وزميليه الذين أتوا على أصوات التصفيق، نظرت إلى خالد الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة لطيفة، الجميع يصفق لها، كانت تلك أول مرة يتم التصفيق لها بهذا الحماس والتقدير، لم يحدث هذا من قبل ليزداد ارتباكها وتوترها، ألهذا الحد كانت جيدة؟ بالنظر إليهم يبدو أنها كذلك، تصاعدت نبضات قلبها وشعرت بغصة في حلقها، واحترقت جفونها، ولكنها تماسكت وعيونها تميل بابتسامة حقيقية، كانت سعيدة، سعادة تختلف عن أي سعادة أخرى، تختلف عن سعادة الحصول على الدرجات النهائية، عن دخولها كلية الطب والترتيب فيها، سعادة حلوة، حلاوتها ترافقها غصة في الحلق ودموع في العين.
أثنت عليها أنيسة بفخر:
- "عزيزتي انت موهوبة!".
طلب الجميع منها أن تعزف المزيد والمزيد، فلبت سالي طلب عم حمدي الحارس الذي اقترح أغنية بياع الهوى لعبد المطلب، لم يكن الجميع يعرفها خاصة الأطفال، لكن الكبار كانوا على دراية بها، تطوع الحارس أن يغنيها بصوته الجهوري الذي أعجب سالي بشدة واستطاعت أن ترافقه على العود بسهولة.
[بياع الهوى راح فين..
يامسهر.. يامسهر .. دموع العين
راح فين.. راح فين.. راح فين.. راح فين
راح فين بياع الهوى
بيشوفك يسمى عليك.. وبيشغل قلوب حواليك
وبيبيع الهوى.. الهوى لعينيك
وعيونك ياغالى ياغالى .. وعيونك ياغالي
بتسهر ليالى ليالى .. بتسهر ليالي
وتخلى السهر سهرين
بياع الهوى راح فين.. راح فين
راح فين.. بياع الهوى]
كانت السيدة أنيسة وذكية ترددان الأغنية وراء عم حمدي، وحاول الأطفال أن يرافقوهم، فكانت الجمل تنتهي بضحكات سعادة وسخرية، وهكذا حتى استغرقت الأغنية القصيرة أكثر من ربع ساعة، كانت سالي تخطئ في العزف في كثير من الأحيان بسبب الضحك المتواصل.
الأغنية التالية كانت من اختيار ذكية، بيت العز، أعجبت سالي بالأغنية المناسبة للأجواء، حتى السيدة أنيسة وافقت بحماس عليها، وهكذا أخذت الست ذكية تغنيها مع بنات أخيها الذين يعرفونها:
[بيت العز يا بيتنا على بابك عنبتنا.
لها خضرة وضليلة بترفرف على العيلة.
وتضلل ياحليلة ياحليلة من اول عتبتنا.
يا بيت العز يا بيت السعد يا بيت الفرح يا بيتنا.
وفي نهاية الأغنية تركت سالي العود وهي تردد معهم:
ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان
ان جيت من الباب هنرد الباب ونعيش ف امان
وان جيت من الحيط هنسد الحيط بحجر صوان
ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان]
غنى الجميع وضحكوا بسعادة وعيونهم لمعت بالفرح، واستمرت الأمسية حتى تعبوا جميعاً، وأتى وقت النوم بالنسبة للأطفال الذين تساقطوا كالفراخ الصغيرة، وتم حملهم إلى غرفهم ليناموا بسلام وأمان، وقبل أن تصعد سالي إلى غرفتها، ذهبت مع رحيم لإرجاع العود، وجاءها محمود وهو يعدل نظارتها بارتباك:
- "آنسة سالي أنت حقاً موهوبة".
ابتسمت سالي بخجل وهي تخفض رأسها:
- "شكراً لك".
تردد الرجل وهو يقول:
- "حسناً، أتمنى ألا تنسي الكتب".
رفعت رأسها بانتباه وهي تتذكر حديثهما اليوم:
- "نعم، أعطني فقط الوقت الكافي".
نظر الرجل إليها بشغف فارتبكت ونظرت إلى رحيم الذي يضع العود في مكانه وقال:
- "حسنًا سأذهب الآن، تأخر الوقت".
ابتسم محمود وهو يمسح شعره بتوتر:
- "آه، تفضلي".
نادت سالي على رحيم الذي التفت لها بسرعة واتجه إليها، كان محمود لا زال واقفاً، فنظرت إليه بحيرة وهي تقول:
- "سأغلق الغرفة".
نظر محمود إليها بغباء لثوان ثم أدرك قصدها:
- "نعم نعم، تفضلي".
سبقهم في الخروج وأغلقت هي الأنوار ثم الباب خلفها والتفتت لتجد خالد قادماً في الردهة وهو يقول لمحمود:
- "كنت أبحث عنك".
ثم نظر إلى سالي ورحيم بحيرة، فتدخل محمود بسرعة وهو يتوجه إليه:
- "سأذهب الآن".
وقبل أن تستمع سالي إلى المزيد أمسكت كرسي محمود في محاولة لتخفيف توترها الذي حضر بحضور خالد، فسحبت الكرسي ومرت بجواره وهي تتمتم بخفوت:
- "استأذنكم".
قال رحيم وهو يلتفت إليهم:
- "أبيه تصبح على خير".
***
بعد هذه الأمسية الجميلة، وحفلة الشواء المُفاجئة ورائحة البخار التي التصقت بملابسها، أخذت سالي حماماً طويلاً دافئاً، وجلست على سريرها تجفف شعرها، كانت تفكر في الكثير، في اتصال زينة ووالدها، وفي نفسها التي تشعر بالراحة والهناء بعد الأمسية الجميلة، إن الموهبة حقاً لشيء رائع، الشيء الوحيد الذي يجعل الناس يصفقون لك بحرارة وحماس وتقدير، ولما لا فما يخرج من الروح بالتأكيد يصل إلى الروح، فكرت سالي ماذا لو سارت في مثل هذا الدرب من البداية ربما كانت عازفة مشهورة الآن، لكن إصرار والدتها لتأخذ الدرب العلمي كان الأمر الحاسم بعد مشيئة الله، وعند مشيئة الله نرضخ برضا، فلا أخير من مشيئته. وبينما وهي مستغرقة في التفكير سمعت طرقاً على الباب، فنظرت إلى الساعة بعفوية التي كانت العاشرة مساءاً، تساءلت من سيأتي في مثل هذا الوقت، حيث الجميع يكونون في غرفهم، تقدمت وهي تشعر بالحيرة وفتحت الباب لتجد فرح أمام غرفتها.
نهاية الفصل الخامس
***
شكراً جداً لصبركم عليا، واسفة على أي أخطاء غير مقصودة بالتأكيد.
كاتبتكم ءَالَآء
تابعوني على:
instagram: alaatareks
TikTok: alaatareks
TikTok: hakayaalaa للقص القصيرة
x: alaatareks
متنسوش تقرأوا قصصي القصيرة الخيالة، متأكدة انها هتعجبكم
رواية استقرت في قلبي، رواية ملاذي وقسوتي واتباد، رواية خيط حرير، رواية تمارا ورحيم، رواية اسيرة عشقه، رواية الشهيد لتوفيق الحكيم، رواية جاسر وحور، رواية عشق الحور، رواية فراشة في جزيرة الذهب، أرض زيكولا، رواية تمرد عاشق، رواية مكتبة منتصف الليل، روايات أحمد خالد توفيق، رواية في قبضة الأقدار، تعافيت بك واتباد، رواية واتباد، روايات واتباد، روايات، واتباد، روايات واتباد رومانسية، رواية عشق الزين، روايات فريدة الحلواني واتباد، رواية فراشة في جزيرة الذهب، رواية الشيطان شاهين واتباد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق