الخميس، 31 أكتوبر 2024

رواية المنزل: الفصل السادس والعشرون (الجزء الثالث) - ءَالَآء طارق

رواية المنزل: الفصل السادس والعشرون (الجزء الثالث) - ءَالَآء طارق


رواية المنزل

 ءَالَآء طارق

الفصل السادس والعشرون (الجزء الثالث)

يا ريت تقرأوا الكلام في نهاية الفصل ضروري.

ومتنسوش ال vote

***

[رسالة واردة بتاريخ ؟؟/؟؟/؟؟؟؟

المرسل: بيسان

صديقتي سالي، قرأت رسائلك عندما وصلني بعض الاتصال، لكن للأسف، الاحتلال قطع عنا الإنترنت، كما تعرفين. نحاول بشدة البقاء على اتصال، وأنا وعائلتي بخير، الحمد لله، رغم أن حياتنا تغيرت تماماً. اضطررنا لمغادرة منزلنا بعد أن وصل القصف إلى حيّنا، ونحن الآن نقيم مؤقتاً عند أحد المعارف. لا أستطيع أن أصف لكِ مدى الألم الذي أشعر به لفراق بيتي، المنزل الذي عشت فيه طفولتي، والذي يحمل بين جدرانه أجمل ذكرياتي. لم أكن أتخيل يوماً أن أتركه بهذه السرعة، ولم أستطع حتى أن آخذ مقتنياتي التي لطالما كانت جزءاً من حياتي. والحي الذي عشت فيه مع رفاقي أصبح الآن وكأنه حي للأشبح، قصفت معظم البيوت فيه، ولا أعلم مصير بيتي حتى الآن.

أشتاق إلى منزلي، حارتي، أصدقائي، كتبي، صوري، وتلك الحياة السعيدة رغم الحصار التي عشتها على أرضي. أحياناً أفكر، لماذا لم أصر على الحياة؟ ربما كان من الأفضل أن أبقى في منزلي، حتى ولو أدى ذلك لنهايتي بين تلك الجدران التي لطالما احتضنتني. أصوات القصف تحيط بنا حتى هنا، وصدى البكاء يملأ المكان. البارحة، سمعت قصة جارنا الذي فقد أبناءه الأربعة. ظل يبحث عنهم تحت الركام دون توقف، رغم أن فرق الإنقاذ لم تعد ترى أملًا في إنقاذهم. لا أستطيع تخيل حجم الألم الذي يشعر به، لكنه مشهد يتكرر حولنا، ويفوق الوصف.

كم أسعدني وصول رسائلك إلي؛ لقد شعرت بأنني لست وحدي، وأن هناك من يهتم لأمري في هذا العالم القاسي. اهتمامك يا سالي يخفف عني بعضاً من الحزن والخوف، ويمنحني شعوراً بالسعادة، ولو كان مؤقتاً. ولكني، حقاً، استخسره في نفسي، فأنا أتلقى كل يوم خبر مقتل أفراد من أقربائي ومعارفي وأصدقائي. إنهم يموتون يا سالي بأبشع الطرق التي قد تتخيلينها أو لا تتخيلينها: من صاروخ يقصف فجأة، أو اختناقاً تحت الأنقاض، أو حرقاً وذبحاً. يموتون بلا رحمة أو شفقة، أمام أنظار العالم أجمع الذي ينادي ليل نهار بالسلام. أنت لا تعرفين كم أحمل من المقت والغضب تجاه هذا العالم المنافق، الذي يدعي ما ليس فيه. العالم الذي حبسنا، نحن شعب عدده 2 مليون مواطن، في مساحة ضيقة، ويمارس علينا أقسى أنواع الحصار والتعذيب والقتل، بل ويمول سجاننا ليزيد من ساديته.

أشعر بالمقت تجاه هذا العالم، وأنا أضع في فمي قطعة خبز عفنة، لأنني لا أجد ما يسد جوعي غيرها. أشعر بالغضب، وأنا أرى قهر أبي وباقي الرجال هنا، يتحسرون على عائلاتهم الجياع أو الموتى، ولا سبيل لهم ليحموهم أو يوفروا لهم لقمة العيش. أشعر بالحسرة على أختي الصغيرة الرضيعة، وهي تبكي من الجوع وأمي لا حليب لديها بسبب سوء التغذية، وأخي الذي يبيع بعض الفول في الأسواق ليحصل على أموال تساعدنا قليلاً على العيش في هذه الحرب. وأشعر بالمقت تجاه هذا العالم القاسي الحقير، وأنا أسمع القصف الذي استباح أرضنا وشعبنا ليل نهار، بل منذ ثمانين عاماً، منذ ثمانين عاماً ونحن نتعرض للإبادة العرقية. واليوم، يرون الأمر بأوضح صورة، وأمام العالم أجمع. أمقت هذا العالم، وأنا مضطرة لهجر منزلي حتى لا أموت ببساطة بسبب صاروخ يطلقه جندي دون ضمير. أمقت هذا العالم، وإن أعطاني الله الفرصة، سأحاربه، وسأحرص على أن أكون سبباً في دمارهم وتشتتهم كما حدث معنا. أنا ومن هم مثلي لن ندعهم ينعمون أبداً بالسلام. سنذيقهم من نفس الكأس.

أرجوكِ، لا تنسينا من دعواتك، فنحن في أمسّ الحاجة إليها. ادعي لنا أن تزول هذه الغمّة، وأن نجد في نهاية هذا الكابوس ما يخفف قلوبنا المرهقة، وما يعيد لنا أماننا الذي طالما أخذناه أمراً مفروغاً منه. أشكرك على رسائلك، وسأحاول أن أراسلك مرةً أخرى فور توفر الاتصال.

بيسان].

***

دخل خالد من بوابة المنزل الكبيرة، وخلفه عم حمدي يحمل حقيبته، رفع رأسه متأملاً السماء الغائمة، حتى رأى من بعيد مشهد أدفأ قلبه، كانت ماريا صغيرته قد بدأت تمشي على قدميها بخطوات متعثرة لطيفة، فابتسم للمشهد الظريف، بينما جالت عيناه بحثاً عن مرافقها، ليراها - سالي - تجلس تحت العريشة ممسكةً هاتفها وتدقق النظر فيه باهتمام شديد، التفت خالد إلى عم حمدي الذي يتبعه بحقائبه:

"عم حمدي ضع الحقائب في المرفق، وعد إلى مكانك".

قال ذلك وأكمل طريقه نحو العريشة. لمحته ماريا، فصاحت الصغيرة بسعادة وحاولت أن تخطو نحوه بخطواتها المتعثرة الصغيرة، فيما هو قطع المسافة بخطوتين كبيرتين، ثم انحنى ليحملها. أطلقت الطفلة ضحكة سعيدة كاشفةً عن أسنانها الأربعة الصغيرة. ضمّ خالد الجسد الصغير الدافئ بين ذراعيه بقوة، ثم رفع بصره نحو العريشة، حيث كانت سالي تقف، وقد ارتسمت على وجهها ملامح غير واضحة وتضاربت فيها المشاعر.

راقبها خالد بعناية، محاولًا فك شفرة التغيير الذي طرأ عليها. كان هناك شيء ما يبدو مختلفًا، غامضًا، لكنه لم يتمكن من تحديده بدقة. بدا وكأن وجهها يحمل عمقًا جديدًا لم يلحظه من قبل، عمقًا مشوبًا بظل من الأسرار. عيناها كانتا شاردتين، متفاديتين لنظراته، وكأنها تحاول الهرب من مواجهته، ورغم ذلك، ارتسمت على ملامحها لحظة مفاجأة عند رؤيته، تلتها لمحة من التردد والارتباك. شعر بقلق يسري داخله، كأن شيئًا ثقيلًا يشغل بالها ويمنعها من البوح.

نقلت نظرها عنه بسرعة، وكأنها تخشى أن يكشف هو سرًّا دفينًا يثقلها. شعر خالد بشيء غامض يتأرجح تحت السطح، شيئًا لم يستطع الإمساك به بعد. رفع حاجبه قليلًا، محاولًا كسر حاجز الصمت الذي تشكل بينهما، لكنه لاحظ حذرها، وكأنها تراقبه بترقب، تنتظر كلمة أو حركة منه قد تكسر هذا التوتر.

أما سالي فكان قلبها يخفق بشدة، لدرجة أنها لم تستطع التحكم في مشاعرها. لم تكن تتوقع أن يأتي لقاؤهما بهذه المفاجأة. كان عليها أن تستعد لهذا اللقاء وتتعامل مع مشاعرها المضطربة قبله. تذكرت كل ما حدث في الأيام الماضية، مرض أنيسة، وما طلبته منها، والحمل الثقيل الذي وضعته على عاتقها أخيراً، ومشكلة الوزارة مع الأطفال. كل هذه الأمور أدت بسالي إلى دوامة من التفكير العميق.

لمحت خالد يقترب منها، فشعرت بارتباك غريب يتسلل إليها وهي تراه يتقدم وهو يحمل بين ذراعيه ماريا الصغيرة التي تبتسم بسعادة. لم تفهم سالي لماذا كانت كل حركة منه، كل نظرة من عينيه تشعل في داخلها اضطراباً لم تعهده من قبل. تسارعت الأفكار في رأسها، كانت محاصرة بين الكثير من الكلام الذي يجب أن يُقال، وبين تلك المشاعر الجديدة التي تختبرها. حائرة، هكذا كانت سالي التي بدأت السلام بابتسامة حاولت أن ترسمها جيداً:

"مستر خالد، حمدلله على سلامتك".

تقدم خالد نحوها بابتسامة امتنان وقال وهو يقف أمامها مباشرة:

"شكراً لك، كيف حالك؟".

أجابت سالي بنبرة متوترة:

"آه.. أنا بخير الحمد لله".

راقبها خالد بتأمل وكأنه يشك في جوابها، ثم سأل:

"لماذا أنتِ وماريا في الخارج في مثل هذا الجو؟".

رفعت سالي رأسها وهي تحاول استعادة الطفلة من ذراعيه:

"أعتذر، ماريا كانت مصرة على الخروج والمشي قليلاً، آه.. هل تعلم أن ماريا تعلمت المشي تقريباً".

لكن ماريا رفضت بشدة الذهاب إلى سالي، وتعلقت برقبة خالد بإصرار، مما جعل سالي تشعر بخيبة أمل طفيفة تجاه الطفلة "الخائنة". ابتسم خالد وقال:

"رأيتها بالفعل وهي تمشي منذ لحظات".

ثم نظر إلى الطفلة بحنان وأضاف بابتسامة:

"أنت حقاً مجتهدة يا ماريا".

وكأن الطفلة فهمت مدحه، مالَت برأسها على كتفه ونظرت إلى سالي بخجل، ثم حاولت إخفاء وجهها في عنقه. ابتسمت سالي تلقائياً من براءة الطفلة، ثم سألت خالد وهي تحاول استعادة توازن مشاعرها:

"كيف كانت رحلتك؟".

رفع خالد رأسه ناظراً إلى السماء وكأنه يفكر للحظة في الإجابة، متردداً بين الدخول إلى المنزل وقطع هذا الحديث، أو إكماله والبقاء في هذا الجو المتقلب، لكنه بعد لحظات سار باتجاه العريشة، وسارت سالي بجواره وهي تنصت إليه:

"كانت جيدة إلى حد ما، كنا في سباق لمحاولة الحصول على حقوق بعض الكتب المهمة التي سيتم عرضها في المكتبة".

جلس على كرسٍ، ووضع ماريا على الأرض وأمسك بيديها ليساعدها في التوازن والوقوف. فسألته سالي، محاولة كسر الصمت:

"تلك المكتبة.. أنا حقاً فضولية بشأنها".

نظر إليها خالد بنوع من الفضول وسأل:

"حقاً؟"

جلست سالي هي أيضاً:

"نعم، أرغب في رؤيتها، إن لم يكن هناك مانع".

ابتسم خالد وتأملها بعمق:

"لا ليس هناك مانع، لنذهب معاً في يوم مناسب. سأخذك في جولة".

مرت لحظة من الصمت بينما سالي كانت تتأمل خالد وهو يساعد ماريا على الوقوف بثبات، شعرت فجأة بدفء غريب في قلبها، فسألته دون تفكير:

"أشعر وكأن ماريا هي الأقرب إليك..".

توقفت سالي للحظة، وشعرت بأن كلماتها كانت أكثر جرأة مما يجب، فوراً أدركت مدى حساسية السؤال، وتمنت لو تستطيع التراجع. ترددت أنفاسها للحظة، لكنها لم تملك السيطرة على ما قيل. خالد، على غير المتوقع، ابتسم، تلك الابتسامة الهادئة ثم نظر إلى الطفلة التي كانت تحاول الوقوف بثبات على بعد خطوات منهم، وقال:

"في الواقع الأمر مع ماريا مختلف قليلاً عن باقي الأطفال، فأنا من كفلها وسميتها بأسمها".

تملكها فضول غريب دفعها لسؤال آخر، رغم أنها كانت تحاول التراجع:

"إذاً هي الأقرب إليك؟".

نظر إليها خالد بنظرة عميقة، وكأن السؤال لم يكن مجرد كلمات عابرة. قال بهدوء مشوب بالتفكير:

"ليست المسألة تتعلق بمن هو الأقرب، بل شعوري بالمسؤولية تجاه ماريا، فأنا من اتخذ قرار جلبها إلى هنا. كانت رضيعة صغيرة للغاية، لم تكمل أسبوعها الأول، بالكاد تفتح عينيها وهشة لدرجة أنني شعرت أن لمسة واحدة بإصبعي قد تكسرها. في تلك اللحظة أعلنت للمرة الأولى في حياتي أنني سأكفل طفل".

أصغت سالي بعمق، كلمات خالد حركت شيئاً داخلها، عاطفة دفينة بدأت تظهر على السطح.

خالد، وكأنه كان يستعيد تلك الذكريات، أضاف مبتسماً:

"كنت أسخر من ماما عندما كانت تتخذ قرارات الكفالة بسهولة شديدة وبسرعة، لكن عندما رأيت ماريا، فهمت ذلك".

أكمل بعد لحظات من التفكير:

"في الواقع كنا أنا وهي قد اتفقنا على انهاء الأمر عند الصغار الخمسة، هؤلاء الصغار دخلوا المنزل وأعمارهم كانت شهور، ماريا هي أصغر من دخل المنزل".

التقت عينا خالد بعيني سالي للحظات، نظراته كانت عميقة، وكأنها تسبر أغوار مشاعر لم تُبح بها بعد. شعرت سالي بتلك النظرات تخترق روحها، مما دفعها لخفض رأسها بخجل. قالت بصوت هادئ:

"هذا مؤثر حقاً، إن حالتكم الإنسانية لطالما أثارت داخلي مشاعر غريبة".

ابتسم خالد بحيرة وقال:

"مشاعر غريبة؟".

رفعت سالي رأسها بابتسامة خفيفة وواصلت:

"نعم، غريبة ولكن جميلة في الوقت ذاته. إنه شيء نادر أن تتكفلوا بهذا العدد الكبير من الأطفال. إنها مسؤولية كبيرة، وجريئة".

ضحك خالد بخفة وهو يشير لماريا حتى تأتي وقال:

"في البداية، لم أكن متورطاً في موضوع الكفالة على الإطلاق. لكن مع مرور الوقت، وجدت نفسي منغمساً فيه تماماً. الأطفال يفرضون عليك العناية بهم، حتى عندما تحاول أن تبقى بعيداً".

ثم أضاف بنبرة جادة:

"لكن دعيني أوضح شيئاً، لم أشعر يوماً أنني أُجبرت على شيء لا أريده. هؤلاء الأطفال أضافوا لحياتي معنى آخر، لم أكن أتوقعه".

ابتسمت سالي ابتسامة مطمئنة، لكن سؤالاً جديداً تملكها:

"إذاً كيف تشعر تجاههم؟ أقصد ما هو شكل شعورك تجاههم، أبوي أم أخوي؟".

كان السؤال ثقيلًا، واضحًا من ملامح خالد التي تغيرت فجأة. بدا عليه التردد، كأنه لم يسأل نفسه هذا السؤال من قبل. لذلك لم يجد إجابة فورية على سؤالها، فقالت سالي وهي ترى الحيرة على وجهه:

"أعتذر، يبدو أن سؤالي ليس في محله".

هز خالد رأسه وهو يتأمل الطفلة الصغيرة التي جلست أخيراً على الأعشاب، بعد أن أرهقت قدميها الصغيرتين. وقال بعد لحظات:

"لا تعتذري..".

قال خالد بعد لحظات من الصمت:

"سؤالك مفاجئ، وليس لدي إجابة واضحة عليه. في الحقيقة، لا أعلم كيف يرونني. هل أكون الأب؟ الأخ؟ لا أعرف حتى الآن".

استعادت سالي في ذهنها المحادثة السابقة مع السيدة فايزة من الوزارة. تساءلت تلك السيدة حينها:

[إذاً، أخبريني يا دكتورة، ما هي مكانة أنيسة وخالد في عيون الأطفال بما أنك قريبة منهم؟ هل يرونهم كآباء حقيقيين؟ هل تعتقدين أن الأطفال يعتبرون هذه عائلة طبيعية؟ وهل تظنين أن الأطفال لا يتساءلون عن سبب عدم وجود أب وأم بيولوجيين؟].

ولم تجد سالي، كما هو الحال الآن، إجابة لذلك السؤال. وظل الأثنان يتأملان الطفلة بجوار بعضهما البعض. مرت نسمة من الهواء لامست وجهيهما بلطف. شعرت سالي بأن هناك فراغاً غامضاً يحيط بمكانة خالد في حياة هؤلاء الأطفال، وهو نفس الفراغ الذي طالما راودها عندما فكرت في طبيعة العلاقة التي تربطهم. خالد الذي بدا صلباً في ظاهره، كان يخفي في داخله عالماً من الأسئلة التي لم يملك إجابات لها بعد.

"أحياناً أشعر أنني أبحث عن معنى خاص بي من خلالهم". قالها خالد بهدوء دون أن يرفع عينيه عن ماريا، ثم أكمل هامسا:

"لكن هل يعطيني الأطفال هذا المعنى؟ أم أنني أنا من أحاول إسقاطه عليهم؟".

نظرت سالي إليه بعينين تحملان الكثير من التساؤلات أيضاً. أدركت أنها ليست وحدها في هذا الشعور، وأنها، مثل خالد، تبحث عن إجابات وسط هذه الحياة المعقدة. عادت بنظرها إلى الطفلة الصغيرة التي تلعب ببراءة في هذا المنزل الكبير، المحاطة برعاية الله ثم بحب أنيسة وخالد. أيمكن أن توجد عاطفة أسمى من تلك؟ الطفلة التي لم تتجاوز العشرة أشهر لا تدرك بعد أنها يتيمة، وقد يأتي يوم تكتشف فيه حقيقتها. لكن مع أشخاص مثل أنيسة وخالد، ربما تجد ملاذاً آمناً تسند عليه نفسها عندما تشتد عليها المحن.

ردت سالي:

"نحن جميعاً نحاول أن نجد معنى في أماكن لا نتوقعه فيها".

وأكملت بصوت هادئ:

"ربما هؤلاء الأطفال لا يبحثون عن أب أو أم كما نفترض، ربما يبحثون فقط عن أشخاص يهتمون بهم دون شروط".

أدار خالد رأسه نحوها، وعيناه تلمعان ببريق حائر، ثم قال ببطء وكأنه يزن كلماته:

"بالتأكيد".

ساد الصمت بينهما من جديد، كأن كل كلمة تنطق تفتح أمامهما أبواباً من الأسئلة العميقة. قطعت سالي الصمت بصوت متردد، وكأنها تخشى وقع الكلام:

"لقد جاءت أخصائية اجتماعية من الوزارة، سمعت أنهم يريدون أخذ بعض الأطفال".

تنهد خالد بثقل، وعيناه تلمعان بشيء من القلق:

"أخبرتني السيدة منى.. والأطفال في الهاتف".

كانت سالي قد سمعت أنيسة وهي تحذر الجميع بعدم إخبار خالد، حتى لا يتشتت عن عمله. لكن الأطفال الصغار، ببراءتهم، لم يمهلوها الفرصة؛ إذ أسرعوا بإخباره، واعترفت له منى فيما بعد. ومع ذلك فتحت سالي الموضوع، فقد كانت تحتاج إلى طمأنة، كلمة منه تريح قلقها. سألته بنبرة تعكس قلقها المكبوت:

"ماذا ستفعل؟"

تسلل الصمت إلى حديثهما مرة أخرى، وخالد ينظر بعيداً، غارقاً في أفكاره، معلقاً سؤالها. ارتسمت علامات اليأس على وجه سالي، ولم يستطع خالد تجاهلها؛ ولمح تلك النظرة الحزينة التي أثارت داخله أسئلة ملحة أراد بشدة أن يسألها، أهمها:

'لماذا هذا اليأس على وجهك؟'.

لكنه شعر بأن السؤال عالق في حلقه، مكتفياً بالصمت الذي بدا كأنه يصرخ بأسئلة لا حصر لها.

كانت سالي تشعر بوطأة الثقل الذي يجثم على صدرها، مشاعرها تتلاطم في داخلها كبحر هائج لا يهدأ، وكأنها تغرق في عمقها الخاص. ربما كان ذلك بسبب كل ما مرت به في الفترة الأخيرة؛ مرافقتها لأنيسة، ورؤيتها وهي تخوض تجربة العلاج لأول مرة، كان مشهداً يترك أثراً موجعاً في قلبها، ويزرع فيها شعوراً متزايداً بالقلق والضغط النفسي. كانت تشعر وكأنها تحمل ألم أنيسة داخلها، وفي نفس الوقت تعاني من عجزها عن تقديم أي شيء يخفف من وطأة ما تمر به.

تذكرت أنيسة ووعدها لها. كان ذلك الوعد يثقل قلب سالي، تشعر بالحيرة، والخوف يعتصرها بينما تتساءل: مما تخشى؟ هل تخاف أن ترى مشاعر الألم في عينيه، تكسره أمامها؟ ترددت، ثم حركت شفتاها، همست بخفوت:

"مستر.."

لكن قبل أن تكمل، قطعت صوت خطوات خافتة على الأعشاب خلفها، وظهر صوت السيدة منى من خلفه:

"مستر خالد، هذا أنت؟"

التفت خالد، فقالت المرأة بابتسامة ترحيب:

"حمداً لله على سلامتك، كيف كانت رحلتك؟"

نهض خالد واقفاً، وسالي بجانبه، تشعر بارتياح داخلي لأنها لم تضطر إلى متابعة الحديث الصعب بفضل مجيء منى. شردت قليلاً، وانغمست في عالمها الخاص، حتى غاب عنها الحديث الدائر بين خالد ومنى التي التقطت الطفلة الصغيرة المشاغبة بين ذراعيها، بعد أن صرخت باكية لأن المرأة أوقفتها عن اللعب. صوت ماريا العالي أيقظ سالي من شرودها، ورأت منى تحدق فيها بنظرة ذات معنى بينما كانت تعدل الطفلة بين يديها، فأشارت سالي خلف خالد برأسها بإشارة نافية، فبدا البرود على وجه منى وهي تقول بنبرة هادئة، وتنظر إلى الرجل:

"تبدو مرهقاً، الأفضل أن تأخذ حماماً وتستريح قليلاً".

ابتسم خالد بخفة وقال:

"لا بأس، أين ماما؟ أريد رؤيتها هي والأطفال".

رمقته منى بنظرة باهتة، فشعرت سالي بحزن عميق وهي تخفض رأسها. وأجابت المرأة:

"ستجدها في غرفتها، والأولاد في المدرسة، والباقون في الحضانة داخل المنزل. سيسعدون كثيراً برؤيتك".

نظر خالد نحو سالي التي كانت ما تزال تائهة في عالمها الخاص خلفه، ثم سأل:

"ألم تسجلوهم في حضانة؟".

أجابت منى نيابة عن سالي:

"وجدنا واحدة مناسبة، لكنها تطلب مقابلة ولي الأمر، فانتظرنا حتى تأتي وترافق الست أنيسة".

"آه، إذاً علينا أن ننجز هذا الأمر في أقرب وقت".

نظرت منى بضيق إلى الجو الغائم حولها، بينما كانت ماريا تقاوم بين ذراعيها وتبكي بصوت عالٍ. حاولت أن تهدئها لكنها لم تخفِ ضيقها:

"من الأفضل أن تدخلوا، لا أدري كيف تتحملون هذا الجو الكئيب".

وقالت بحدة بعض الشيء:

"وأنتِ يا ماريا، اهدئي قليلاً".

توقفت ماريا عن الحركة قليلاً، ونظرت إلى منى بعيون تملؤها الحيرة، ثم أدركت أنها تُوبَّخ، فكورت شفتيها وبدأت تبكي بحرقة. تقدم خالد بخطوات هادئة والتقطها من ذراع منى، ونظر إليها قائلاً بلهجة هادئة:

"رجاءً، لا توبخيها يا ست منى. دعيها طالما أنها لا تؤذي نفسها".

نظرت ماريا إلى منى بنظرة نفور صغيرة، ثم وضعت رأسها على كتف خالد، تستسلم لأنفاسها المتلاحقة بالحزن. مسح خالد برفق على ظهرها وهمس بصوتٍ هادئ:

"هيا يا ماريا، لندخل".

قبل أن يتحرك، التفت نحو سالي التي كانت غارقة في أفكارها، تنظر إلى الأرض بشرود. ناداها بصوت لطيف:

"هيا، يا دكتورة".

رفعت سالي رأسها ببطء، وقد بدا على وجهها مزيج من الحيرة والتردد، وقالت بصوت خافت:

"نـ... نعم".

***

احتضنت أنيسة ابنها بحب واشتياق، ثم ابتعدت قليلاً لتتفحصه بعناية، وعلى شفتيها ابتسامة خفيفة:

"هل كنت تأكل جيداً؟ يبدو أنك فقدت بعض الوزن".

تأملها خالد بتركيز، وكأن عينيه تحاولان فك لغز ما يراه أمامه. لاحظ التغيير الواضح في شكلها؛ جسدها أصبح أنحف بشكل ملحوظ، وعظام وجنتيها باتت بارزة. كان هناك وهَن في عينيها ووجهها شاحب بلون فاتح، محاولات تجميله باحمرار خدود خفيف لم تخفِ علامات الإرهاق. كما ارتدت ملابس ذات ياقة عالية، وهو شيء لم يعتده منها. قال بقلق، متجاهلاً سؤالها:

"أنتِ من فقدت الوزن، هل أنتِ بخير؟"

شعرت أنيسة بارتباك، وألقت نظرة سريعة نحو سالي التي كانت تتابع الموقف بتعاطف. هزت سالي رأسها بخفة، كإشارة لأنيسة بأنها لم تخبره بعد. تماماً كما حدث مع منى. التفتت أنيسة إلى خالد وابتسامة مترددة على وجهها، وقالت بصوت خافت:

"أنا لم أخبرك يا خالد.. لقد مررت بنزلة برد شديدة، لكنني الآن بخير".

بدا القلق واضحاً على وجه خالد، وعيناه تلمعان بتساؤل عميق، فالتفت إلى سالي كأنه ينتظر تفسيراً، إلا أنها تراجعت بنظراتها وأخفضت رأسها، وكأنها لا تستطيع مجاراة عينيه. لاحظت أنيسة التوتر الذي يملأ ملامحه، فربتت على ذراعه بلطف، محاولة جذب انتباهه إليها:

"أخبرني يا ابني كيف كانت رحلتك؟".

لكن قبل أن يتمكن خالد من الرد، وقد بدا القلق ما زال مسيطراً على نظراته، اندفع الأطفال الأربعة إلى الغرفة، وأحاطوا بساقيه بحماس طفولي:

"أبيه!".

أمسك به الأطفال بشغف، وملامحهم الصغيرة تشع فرحاً بلقائه، يتضح من عيونهم اللامعة مدى اشتياقهم له. صاحت لارا بصوتها الواضح وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة جشعة:

"ماذا أحضرت لي، يا أبيه؟ هل اشتريت لي الألعاب؟".

ابتسم خالد، وربت بحنان على رأس لارا قائلاً:

"نعم يا لارا، اشتريت لكم الكثير من الألعاب".

في لحظة واحدة، علت صيحات الفرح بين الأطفال، وتسابقوا بأسئلتهم العفوية، أصواتهم متداخلة ومفعمة بالسعادة، ولم يتمكن خالد من التقاط أي جملة واحدة واضحة، لكنه كان يستمتع بشدة بلحظة الفرح البريء التي أحاطته. والتي ألهته عن القلق الذي شعر به تجاه أمه. تجمّع الأطفال حول خالد، يحاولون بشتى الطرق إقناعه بتفريغ الحقائب ليحصلوا على هداياهم فوراً. كانت عيونهم تتوسل ببراءة، لكن خالد ابتسم وأجابهم بحزم لطيف:

"لن أفرغ الحقائب حتى يعود إخوتكم من المدرسة، فالهدايا للجميع".

وهكذا في أمسية من أمسيات هذا البيت، امتلأ المنزل في ذلك اليوم بصخب وضحكات دافئة، وكأن حياة جديدة عادت إليه بعودة خالد من السفر. لكل شخص في هذا العالم مكانة يعتمد عليها بعض القلوب، وكان خالد هو ذلك الحضور المهم في المنزل؛ لا تكتمل روح البيت إلا بوجوده فيه.

حصل الجميع على هداياهم، حتى إسراء وندى والمربيات، إلا شخصاً واحداً. سالي بقيت تراقبهم بابتسامة لطيفة وابتسامة خفيفة ترتسم على وجهها بينما تشاهد فرحة كل واحد بردود أفعاله. لكنها وجدت نفسها في النهاية الشخص الوحيد الذي لم يحصل على هدية. ورغم أنها لم تشعر بالغيرة، إلا أن إحساساً بالغربة تسلل إلى قلبها، وكأن هذا كان تذكيراً بأنها لا تنتمي بشكل حقيقي لهذا المنزل، وأن وجودها فيه ليس إلا مؤقتاً.

وسط الصخب، انشغلت الأجواء بضحكات الأطفال وسعادتهم بعودة خالد حتى أنهم فرحوا به أكثر من الهدايا ذاتها، ولم ينتبه أحد إلى أن سالي هي الوحيدة التي لم تتلقَ هدية. لكن أنيسة كانت تراقبها من بعيد؛ رأت نظرات سالي الدافئة نحو الأطفال وهي تتفاعل معهم وتشاركهم فتح الهدايا، ولفت انتباهها أيضاً نظرة خالد المترددة نحو سالي، كأنه يفكر بشيء ما. ابتسمت أنيسة وتمنت في قلبها أن يفعل ما يتردد بشأنه. وعندما انتهت الأمسية، وقبل أن تصعد سالي إلى غرفتها لتخلو لنفسها، سمعت صوت خالد من خلفها يناديها بلطف:

"دكتورة، انتظري من فضلك".

التفتت سالي بسرعة، وجدت خالد يقف وقد بدأ بعض الأولاد يتفرقون من حوله وينتشرون في أرجاء المنزل، بينما السيدة منى تبحث على الأطفال الصغار.

نظرت سالي إليه بتساؤل، وقالت بصوت هادئ:

"نعم مستر خالد، هل تحتاج شيئا؟".

تقدمت نحوه بخطوات مترددة، تشعر بمزيج من الحيرة والفضول. لاحظت التردد في عينيه، وفي يده علبة صغيرة مغلفة بعناية. كانت تحاول تخمين ما يحدث، لكن خالد بادر وأعطاها العلبة بابتسامة دافئة، قائلاً:

"هذه هديتك.. في الواقع لم تكن لدي فكرة عما ترغبين فيه، لذلك اخترت هذه الهدية البسيطة على ذوقي، أتمنى أن تروق لك".

تأملت سالي الهدية الممدودة لها، ومرت لحظات من التردد قبل أن تلتقطها بقلب مليء بالعاطفة الدافئة. فقال خالد باحراج وقال معتذراً قبل أن تشكره:

"أعتذر لم أسلمها لك من البداية بسبب صخب الأطفال".

ابتسمت سالي بلطف، وقد تأثرت بعفويته واهتمامه، وقالت بصوت خافت مليء بالشكر:

"أشكرك.. هذه الهدية تعني لي الكثير".

صعدت سالي إلى غرفتها وهي تشعر بالخفة تسري في جسدها، وكأنها تطير فوق السلالم. دخلت الغرفة المظلمة وأغلقت الباب وهي تستند عليه ونبضات قلبها تتسابق بسرعة، ليس بسبب صعودها السلالم، بل بسبب تلك المشاعر التي بدأت تتشكل داخلها بوضوح. مدت يدها لتشعل ضوء الغرفة، ثم سمعت فجأة صوتاً عالياً أربكها وكاد يوقف قلبها للحظة. فتحت عينيها على اتساعهما، وركبها متوجسة، لتنظر نحو الزاوية. كان الصغار الخمسة، وقد دخلوا خلسة إلى غرفتها، تختبئ ضحكاتهم خلف أيد صغيرة وعيونهم اللامعة تلمع في مكر خبيث.

تأملت سالي الأطفال بذهول، وهي تتراجع وتستند على باب الغرفة، محتضنة علبة الهدايا بين ذراعيها بقوة. فجأة، شعرت بركبتَيها تخونانها، وسقطت على الأرض وقد غمرها الشعور بالدهشة الممزوجة بالخوف من هذه المفاجأة التي لم تكن في الحسبان، وكادت أن تودي بقلبها من شدة الرهبة. ارتفعت ضحكات الأطفال الصغيرة في الغرفة، متعالية ومبالغة، وكأنهم حققوا انتصاراً مرحاً.

بينما كانت تحاول تهدئة أنفاسها المتسارعة ونبضات قلبها المتلاحقة، استعادت سالي بعضاً من رباطة جأشها، ثم رفعت رأسها ونظرت إلى الأطفال الخمسة بنظرة تأنيب وابتسامة صغيرة تخفي خلفها الأثر الذي تركته هذه المفاجأة على قلبها المتعب. قالت لهم بنبرة شبه صارمة، تختلط فيها العتاب مع دفء واضح:

"كدتُم تقتلونني من الخوف! هل هذه طريقة للترحيب بي في غرفتي؟"

صاح فؤاد بظرافة، وقد اتسعت ابتسامته بفخر:

"لقد أردنا أن نخيفك!".

وتردد صداه في ضحكات باقي الصغار، الذين غمرتهم السعادة بنجاح مزحتهم الصغيرة. عبست سالي فجأة، مما جعل الأطفال يحدقون بها بعيون متسعة، بينما اقتربت منهم بخطوات ثقيلة وهي تتظاهر بالجدية. قالت سالي بنبرة متقنة من القسوة:

"إذاً يجب أن تُعاقبوا".

لوهلة، رأت سالي الذعر يرتسم على وجوههم الصغيرة، يلتفتون نحو بعضهم متسائلين، قبل أن تتحول ملامحها العابسة إلى ابتسامة مرحة أضاءت وجهها، وقالت بمرح:

"لن تستطيعوا الهرب مني".

انطلقت تلاحقهم بخفة، ضاحكةً بصوت عالٍ وهم يصرخون بفرح ويتفرقون في أرجاء الغرفة. شعرت وكأنها عادت إلى أيام طفولتها، تلاحق الفراخ الصغيرة التي كانت تربّيها جارتهم فوق سطح المنزل. وبينما استمرت في اللعب، أضافت بضحكة خفيفة حاولت كتمها، وكأنها طفلة بينهم:

"لن تنجوا مني بسهولة!".

بعد أن انهار الجميع على السرير من التعب، راحت أنفاسهم تتباطأ مع ضحكات صغيرة ما زالت تتردد بينهم. لكن لارا، التي لم تهدأ بعد، لمحت علبة الهدايا موضوعة عند طرف السرير. حدقت بها بفضول، ثم سألت بصوت مرتفع، وعينيها اللامعتين تعبّران عن دهشتها البريئة:

"هذه العلبة تخص أبيه! رأيتها في حقيبته. هل سرقتها يا دكتورة مثلما سرقت جنيهاتي؟".

اتسعت عينا سالي في دهشة، وارتسمت على وجهها ابتسامة خفيفة متفاجئة من المبالغة الظريفة للارا، وتذكرت ذلك اليوم الذي اتهمتها فيه الصغيرة بسذاجة بالسرقة. ردت بسرعة محاولة تصحيح سوء الفهم، وهي ترفع العلبة أمامهم:

"لا يا لارا، لم أسرقها ولم أسرق جنيهاتك. هذه هدية من مستر خالد لي".

تبادل الأطفال نظرات الفضول، ثم صاح فؤاد بحماس:

"هديتك؟!" وحدقت العيون الصغيرة حولها بترقب.

ابتسمت سالي ونظرت إلى لارا وهي تقول بودّ:

"نعم، ألم يهديك أبيه خالد لعبة جميلة أيضاً؟"

فكرت لارا قليلاً، ثم عادت تنظر إلى العلبة بفضول، وعينيها الواسعتين تلمعان بتساؤل طفولي، وأجابت:

"نعم، لكن ماذا يوجد في هذه العلبة؟".

نظرت سالي إلى العلبة هي أيضاً بفضول، ولكنها لم ترغب في فتحها أمام الأطفال، أرادت أن تختلي في غرفتها وتفتحها بنفسها، لكن يبدو أن للأطفال رأي آخر. حاولت أن تلهيهم عن الهدية، وقالت:

"ما رأيكم أن نلعب لعبة جميلة؟".

قاطعها يحيى مقترحاً وهو يجلس بشكل جاد على السرير:

"ما رأيك.. أن أنام هنا معك؟.. ونلعب مع بعضنا البعض".

كانت كلمات الصغير بريئة متلعثمة وهو يميل رأسه بظرافة. فقالت سالي وهي تجذبه وتحضنه بحب:

"بالتأكيد يا عزيزي، ولكن لا يجوز دون أن تستأذن من ماما وأبيه".

وهنا بدأ باقي الصغار يتحمسون للفكرة، حتى سمعوا باب الغرفة يُفتح فجأة، والسيدة منى تدخل بغضب:

"أيها الأشقياء، أنا أبحث عنكم في كل أرجاء المنزل، وأنتم هنا تلعبون؟".

نظرت المرأة ووجهت حديث صارم لسالي:

"وأنت يا دكتورة، الأطفال يجب أن ينامواً مبكراً، لا تلهيهم من فضلك".

صرخت لارا وهي تتمسك بسالي:

"أريد أن أنام معها".

التف الصغار حول سالي وتمسكوا بها بدورهم، فنظرت إليهم منى بعصبية وقالت:

"تهذبوا وأخرجوا الآن من هنا على غرفكم فوراً".

ولكن الأطفال أبوا، فنهضت سالي برفق عن السرير ونادت بلطف:

"يا أولاد، اسمعوا كلام الست منى، يجب أن تناموا في أسرتكم اليوم، وأعدكم أن ننام جميعاً معاً في يوم آخر، اتفقنا؟".

اقترب يحيى بوجه حزين وهمس بتساؤل طفولي:

"لكن لماذا؟".

ابتسمت سالي بحنان وأجابت بلطف:

"لأنه لا يجوز يا صغيري أن تنام بجواري دون أن تستأذن من ماما. الأطفال المؤدبون يستأذنون أولاً، صح؟".

وبعد لحظات من التردد، وافق الأطفال، وخرجوا متذمرين تحت أنظار منى التي تابعتهم بحذر حتى اختفوا في غرفهم. عادت منى بعدها إلى الغرفة وأغلقت الباب ببطء وهدوء، وعيناها تركزان على سالي التي جلست على السرير، متوقعة الحديث القادم. اقتربت منى منها، وقالت بنبرة فضولية وملامح تحمل مزيجاً من القلق والعتاب:

"ألم تخبريه بعد؟".

هزت سالي رأسها بالنفي، فتنهدت منى بعمق ونبرة يائسة:

"إلى متى ستنتظرين يا دكتورة؟ الرجل يجب أن يعلم عن مرض أمه".

نظرت سالي لأسفل وقالت بصوت مرتجف:

"أنا فقط خائفة.. خفت أن أخبره فور وصوله. صدقيني، سأخبره في أقرب وقت ممكن".

ترددت منى لوهلة، وارتعشت شفتاها قبل أن تنطق بصوت يفيض بالقلق المكبوت:

"إن لم تكن لديك الطاقة لإخباره، فسأخبره أنا".

لأول مرة، تلاحظ سالي هذا الحزن العميق على ملامح منى؛ ربما رأتها من قبل وهي تبكي خلسة من النافذة، لكن لم ترَ وجهها بهذا القدر من الحزن المعذب. رغم ثباتها الظاهر وصلابتها المعهودة، إلا أن هذا الجانب العاطفي ظهر كأنه جزء خفي تخفيه عن العالم.أخذت منى نفساً عميقاً، وحاولت أن تستعيد تماسكها، لكنها لم تتمكن من إخفاء الألم في عينيها وهي تضيف بصوت خافت مهتز:

"إنه ابنها، وله الحق أن يعرف، وأنا لا أتحمل أن أراه هكذا، دون أن يعرف ما تمر به أمه، إن الأسرار بينهم ستخلق حاجزاً وهمياً يؤلمهما. مستر خالد يجب أن يعرف، يجب أن يأخذ فرصته لدعمها ومساندتها، وهي أيضاَ يجب أن تراه بجوارها في هذا الوقت، حتى لو كان الأمر مؤلماً لكيلهما".

همست المرأة مكملة:

"قبل أن يفوت الأوان!".

ظلت سالي صامتة، مشبعة بالحزن، تُنصت إلى الفراغ الثقيل الذي أعقب كلمات منى الصادقة. بعد لحظات، نطقت بصوت خافت، عابس الوجه، محملًا بالحيرة:

"أنا سأخبره يا ست منى، لقد طلبت مني الست أنيسة أن أخبره بنفسي، وسأفعل، ولكن هناك أمراً ما لم نفكر فيه بعد".

حدقت منى فيها بنظرة متسائلة، مُميلة رأسها ببطء، فاستدركت سالي موضحة، وصوتها يحمل عبء الحيرة:

"الأولاد، ماذا سنفعل معهم؟".

اتسعت عينا منى قليلًا، وتبدلت ملامحها إلى حزن عميق. بدت وكأن سؤال سالي قد أيقظ داخلها قلقًا أعمق مما كان ظاهرًا، فجلست على أقرب كرسي، ووضعت يديها على رأسها. بعد لحظات من التفكير العميق، همست بصوت خافت، مشوب بحزنها:

"البداية هي خالد، ثم سيقرر هو كيف سنتعامل مع الأولاد".

تنهدت سالي، مترددة، ثم قالت بصوت مضطرب:

"ست منى، هناك أمر ربما غاب عنكِ.. الست أنيسة كفلت كل الأولاد، باستثناء ماريا. ماذا سيحدث.. لو لا قدر الله..؟"

للحظة لم تستطع سالي إكمال الجملة التي فهمتها منى، ونظرت إلى الأرض بوجوم، ثم أكملت:

"أنا لا أعرف القانون، ولكن الوزارة ترغب في أخذ الأطفال من السيدة أنيسة، وها نحن نحاول إعاقة الإجراءات، ولكن ماذا لو علموا أنها مريضة؟ ألن يتعرض الأطفال إلى خطر الأنتقال من هنا؟".

شحب وجه منى وكأنما الحياة انسحبت منه فجأة، أقسمت سالي في سرها أنها رأت الموت على وجه المرأة التي انخفضت نظرتها إلى الأرض بغموض. بعد لحظة طويلة، تمالكت نفسها وهمست، وكأنها ترى كارثة تقترب:

"حسن!".

ثم تداركت الأمر وقالت:

"وفرح، وكل الأطفال ربما يتم أخذهم من هنا من بالفعل، كيف لم يخطر ذلك على بالي".

تنفست المرأة بعمق، تحاول السيطرة على توترها الذي بدا واضحاً في ارتعاش يديها، ثم رفعت نظرها بحدة نحو سالي، وكأنها تعقد معها اتفاقاً غير معلن. بصوت قاطع يحمل نبرة استعجال، قالت:

"دكتورة، عليك إبلاغ مستر خالد في أسرع وقت. يجب أن نتخذ خطوات واضحة... وعلينا التفكير معه في مصلحة الأطفال".

شعرت سالي بثقل الكلمات، وأومأت برأسها ببطء، كأنها تُدرك تماماً أهمية هذه الخطوة، لكنها تشعر بعبئها في الوقت نفسه.

بعد خروج الست منى من الغرفة، جلست على سريرها غارقة في أفكارها، تتساءل عن الطريقة المثلى لإخبار خالد بحقيقة مرض والدته. كيف ستتمكن من فتح الموضوع معه؟ كيف ستختار كلماتها بعناية، خاصة مع اقتراب موعد الجلسة العلاجية التالية بعد ثلاثة أيام فقط؟ كانت الخيارات تتداخل أمامها، ولم تستطع اتخاذ قرار واضح.بينما كانت تائهة في حيرتها، وقعت عيناها على الهدية الموضوعة بجانب السرير والتي اهداها لها خالد. التقطتها سالي برفق، وفتحتها ببطء لتكتشف أنها علبة شوكولاتة فاخرة. ابتسمت وهي ترى قطع الشوكولاتة مرتبة بدقة وجمال. التقطت قطعة ووضعتها في فمها، لتشعر بطعمها الغني وهو يذوب ببطء، ما أدخل دفئًا خفيفًا إلى قلبها. ثم، وبدون تردد، أمسكت هاتفها وأرسلت إليه رسالة:

[مستر خالد من فضلك هناك أمر هام أريد الحديث معك فيه غداً في وقت فراغك].

أرسلت سالي تلك الرسالة لتلزم نفسها بالتحرك، وتدفعها لاتخاذ الخطوة العاجلة التي لم تعد تحتمل التأجيل. كان عليها أن تكبت مشاعرها الإنسانية، وتضعها جانباً في لحظة مفصلية، لتستبدلها بقرارات مهنية صارمة، بعيدة عن العواطف والتردد.

***


في صباح اليوم التالي، جلس خالد على مائدة الفطور، مستفيداً من إجازة قرر أخذها ليعوض عن إرهاق السفر الذي مرّ به خلال الأسبوعين الماضيين. كان ذهنه مشغولاً بتساؤلات كثيرة حول طلب سالي اللقاء به على انفراد، فقد أمضى الليلة الماضية يفكر في السبب الذي قد يجعلها تطلب محادثته بهذه الجدية، دون أن يصل إلى إجابة شافية. وفضلاً عن ذلك، أراد هو أيضاً التحدث معها حول حالة والدته الصحية، التي لم يطمئن عليها منذ رؤيته لها بالأمس فور عودته.

رفع عينيه نحو سالي مرة أخرى، التي كانت ترتشف الشاي بهدوء، وتربط شعرها الأسود بضفيرة تنسدل على كتفها برقة كعادتها. لكنه لاحظ أن هناك شيئًا مختلفًا عنها؛ لم تكن تتفاعل مع الأطفال بحماسها المعهود، بل بدا عليها الشرود والحزن، عينيها تدوران في المكان بحيرة وتوتر، كما لو أن أمرًا ثقيلًا يشغلها. كانت تتجنب النظرات المباشرة، وتتجاهل أحياناً حديث فرح، مما جعله يشعر بأن هناك ما يدور في خاطرها ولكنها لا تبوح. تساءل بحيرة، ما الذي يشغل بالها؟ هل هذا له علاقة بما تود الحديث معه فيه؟ وهل هذا الأمر الذي تود الحديث معه فيه مربك إلى الدرجة التي تجعلها على غير طبيعتها.

قرر خالد أن يذهب إليها مباشرة بعد الفطور ليسألها. ولكنه تلقائياً نظر تجاه أمه ليجدها تجلس متوترة وغير مرتاحة، يلمح في عينيها تعباً دفيناً. عقد حاجبيه بقلق وتذكر أنها لم تأكل كثيراً، حتى بالأمس بالكاد تناولت بعض الطعام في الغداء، ومن المحتمل أنها نامت دون عشاء. ارتسم على وجهه تعبير قلق حين لاحظ أن أنفاسها تخرج ببطء وحذر، ثم سمعها تقول بصوت خافت وتتنفس بصعوبة:

"عذراً.. سأ.. سأذهب إلى غرفتي".

ونهضت بسرعة تحت أنظار الجميع الذين تأملوها باستغراب، وهي تخرج من الغرفة. كانت سالي على وشك النهوض لتتبعها، لكنهم فجأة سمعوا صوتاً مكتوماً يتبعه صراخ ندى وهي تهتف بذعر:

"ست أنيسة!".

باغتت المفاجأة الجميع، وبسبب المفاجأة سقط كوب عصير الفراولة بالحليب اللذيذ التي كانت تشربه لارا بنهم من بين يديها الصغيرتين، حدقت الطفلة بالكوب وهو يسقط على الأرض بحسرة، ولم ينكسر بفضل السجاد، لكنها توقعت أن تُوبخها أمها أو الست منى، وعندما رفعت رأسها، نظرت بحيرة إلى الجميع، حيث عجت الغرفة بالفوضى فجأة، ورأت أبيه خالد ينهض بفزع مسرعاً إلى الخارج، والجميع يلحقونه بسرعة، حتى أخوتها نهضوا بوجوه مرتبكة، تاركين لارا بمفردها في الغرفة تحدق نحو الباب بذهول، وبعد ثوانٍ قررت اللحاق بهم، ظناً منها أن الأمر لعبة يلعبونها.

نزلت الطفلة عن الكرسي بحذر، تتفادى العصير المسكوب، وتوجهت نحو الباب، لتشاهد منظراً غريباً. أمها كانت ممددة على الأرض، وأبيه خالد يحاول إيقاظها. الأصوات تعلو بالمكان، أصوات مختلطة بين القلق والخوف. همست لارا بصوت صغير مليء بالبراءة:

"ماما، لماذا تنامين على الأرض؟ هذا لا يجوز".

راقبت نظرات الحيرة على وجوه الكبار. لم تجد أحداً يلتفت إليها، سوى إخوتها الذين يقفون متحيرين مثلها. اقتربت من فرح، التي كانت تغطي وجهها بيديها، وعيناها دامعتان. أمسكت لارا طرف ملابس فرح وسحبتها برفق. لم تنتبه فرح في البداية، ثم التفتت إليها ببطء. سألتها لارا ببراءة:

"فرح، لماذا ماما تنام على الأرض؟ عيب".

لم ترد عليها فرح، واكتفت بذرف الدموع في صمت. شعرت لارا بالحيرة، فتوجهت نحو منى، التي كانت تقف بجوار خالد وهو يحاول بقلق إيقاظ أمه، بينما سالي تتحقق من نبضها. كررت الطفلة سحب ملابس منى بلطف، فنظرت منى إليها بانشغال قائلة بنبرة صارمة لكنها لطيفة:

"لارا اذهبي أنتي وأخوتك والعبوا بعيداً".

دفعتها منى برفق، وعادت لتنحني على أنيسة. نظرت الطفلة بحيرة إلى الجميع، وامتلأ قلبها بالحزن الشديد لأنهم تجاهلوها. تأملت ماما ممدة على الأرض والجميع يحاول إيقاظها. وهنا تسلل الخوف إلى داخل قلب الطفلة تجاه أمها، شعرت بالوحدة، وبرودة في صدرها، بينما بدأت دموعها تتجمع في عينيها.

***


في غرفة أنيسة، جلس خالد بوجه مظلم يعلوه الكآبة، يراقب والدته التي تستلقي على السرير منهكة، بينما سالي تُعطيها حقنة بعناية. كانت قد استيقظت لبضع دقائق، ثم عادت إلى النوم فوراً، وكأن جسدها المثقل بالألم لا يقوى على المزيد. حدّق خالد في أنفاسها البطيئة المتعبة، تتابع دخولها وخروجها بصعوبة، وصار ذهنه خالياً، كأن الصدمة نزعت منه القدرة على التفكير. ورغم مظهره المتماسك، إلا أن قلبه كان ينفطر بصمت، يشعر بألم لا يطاق وهو يرى أمه تكافح في استنشاق انفاسها.

لم تمنح سالي لخالد فرصة لاستيعاب المشهد، اقتربت منه بخطوات مترددة ووقفت أمامه، شاحبةً، ويدها ترتجف وهي تقول بصوت مخنوق:

"مستر خالد، رجاءً... علينا أن نتحدث".

رفع رأسه إليها بعد لحظات ثقيلة، عاكساً في ملامحه انكساراً لم تشهده فيه من قبل؛ كان وجهه شاحباً وعيناه تحملان نظرة صدمة وذهول. أدرك، بنظرة واحدة، أن سالي كانت تعرف أمراً خطيراً عن أمه. شعر بتلك الحقيقة تتسرب إليه ببطء مؤلم، فنهض، متبعاً إياها بخطوات متزنة، لكنها محمّلة بهدوء مرعب. خارج الغرفة، التفت إليها بوجه معتم، وسأل بصوت مخنوق:

"ماذا بها؟".

تنفست سالي بعمق، عاقدةً العزم على قول الحقيقة، وأخذت نظرة الطبيب العملية، تلك التي ينبغي أن تُظهرها في اللحظات الصادمة للأهل، ثم أجابت بصوت منخفض، لكنه واضح:

"مستر خالد، لقد تأكدنا من إصابة الست أنيسة بورم خبيث".

***


[رسالة صادرة بتاريخ ؟؟/؟؟/؟؟؟؟

المرسل: سالي

لو تعلمين ما شعرت به عندما رأيت ردك على رسائلي، لا أجد كلمات تعبّر عن السعادة التي غمرت قلبي. كم كنت قلقة وأنا أنتظر رسالةً منكِ، فقط لأطمئن عليك. تألم قلبي بشدّة وأنا أقرأ عن معاناتكِ في غزة، بكيت بحرقة ولم أستطع تخيل هذا العناء. ولكن، كما يقولون، من رحم المعاناة يولد الأمل. وما سُلب منكم يوماً سيعود ولو بعد حين. الأرض تشتاق لصاحبها وستلفظ غاصبها؛ للعدوان والاحتلال نهاية، وهي قريبة، لذا تمسكوا بالأرض والأمل.

البيت، يا بيسان، سيعود، قد يفقد شكله المعهود، لكنه سيعود حتماً. سيأتي يومٌ بلا حصار، ستصنعين فيه ذكريات في بيت جديد، في حارة جديدة تستنشقين فيها هواء الحرية، وأنتِ تملأين المكان فرحاً ونصرًا وتتشفين في معذبكم. ستعود غزة، وسيعود القدس الشريف، رام الله، الخليل، بيت لحم، يافا، نابلس، جنين، طولكرم، عكا، حيفا، صفد، الرملة، طبريا، وبيسان يا بيسان، ستعود فلسطين كاملة، وحرةً بأمر الله. وأذكرني وأذكرك بأن الدماء التي سالت منذ 1948 ستكون لعنة عليهم جميعاً.

أنا لم أنسَكم من دعواتي أبدًا، أذكركم في كل صلاة، وفي كل لحظة أطلب من الله أن يحفظكم، ويثبت قلوبكم، ويخفف عنكم ما أنتم فيه من معاناة. ثقي أن قلوبنا جميعًا معكم، وأنكم لستم وحدكم، نحن هنا نحملكم في أرواحنا، ونتمنى لكم السلامة والنصر.كوني قوية، يا بيسان، وذكّري نفسك دائمًا أن هذه الأيام الصعبة ستنتهي. قلوبنا وأرواحنا وأملنا معكم حتى تعودوا إلى بيوتكم، وتعيشوا حياتكم بأمان وسلام، كما تستحقون.ابقِ على تواصل قدر ما تستطيعين، وأخبريني بكل ما يحدث، فأنا معك دائمًا، أسمعكِ وأدعو لكِ.

مع خالص الاحترام لك

سالي].

نهاية الفصل السادس والعشرون.

وتُستكمل القصة في الفصل القادم. بإذن الله.

من فضلكم لا تنسوا Vote لو أعجبكم الفصل.

***

أهلاً أهلاً، وبدأنا الجزء الثالث من قصتنا، تحولات كتيرة في سير الحياة في المنزل، والحياة لن تصبح فيه كما كانت من قبل. عايزة أقولكم اني كل ما أشوف عدد الفصول اللي كتبتها احس بفخر كبير أوي، أنا دي أول رواية ليا، يعني أول تجربة ليا مع الروايات الطويلة، الموضوع فعلاً صعب، وخاصةً في البداية، لكن كل ما اشوف اني بقرب مع كل فصل لنهاية القصة أحس بالسعادة. أنا فخورة بنفسي وفخورة بيكم أنكم مستوعبين الرسائل اللي بحاول اقدمها ليكم في الرواية، عارفة ان فيه سلبيات ولكني بتعلم علشان اقدملكم في حكاياتي الجاية أعمال أكثر جودة واتقاناً. شكراً ليكم على متابعتكم الرواية واخلاصكم ليها.

وحباً في الرواية قررت اسجلها بصوتي باللغة العامية، أتمنى منك تدخلوا على قناة اليوتيوب وتسمعوها وبجد هتحبوها أوي أوي.

اعملوا سيرش بأسم alaatareks وهتلاقوا القناة.

وشكراً مرة تانية ليكم على دعمكم وصبركم عليا

بتمنى منكم تعملوا vote لو الرواية عجباكم علشان تساعدوا في انتشارها اكتر وتوصل لأكبر عدد من الناس. شكراً مقدماً

كاتبتكم ءَالَآء

سؤال الفصل: يا ترى سالي وخالد هتكون عاملة ازاي بعد ما عرف مرض مامته ؟

***

* اعذروني على أية أخطاء أكيد أكيد غير مقصودة.

بشكركم جداً على صبركم عليا وانتظروا الأفضل بإذن الله.

لينك الرواية على مدونتي:

https://alaatareks.blogspot.com

تابعوني على:

instagram: alaatareks

TikTok: alaatareks

x: alaatareks

متنسوش تقرأوا قصصي القصيرة الخيالية، متأكدة انها هتعجبكم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق